والذات ، وليس شيء آخر في البين كي يكون موضوعا لهذه العناوين ، أو تكون هذه العناوين مأخوذة فيه.
وثانيا : لو سلّمنا عدم شمول لفظة « الإرضاع » ـ الذي في الآية والرواية ـ للارتضاع من الميّت ، فمع ذلك لا تصل النوبة أيضا إلى أصالة الحلّ ، أو استصحاب عدم حدوث الحرمة ، أو قوله تعالى ( وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ ) (١) لأنّ لفظة « الرضاعة » في قوله تعالى ( وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ ) (٢) وهكذا لفظة « الرضاع » في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب » (٣) ، وفي سائر الروايات ، لا مانع من شموله للميت أيضا.
وأمّا ما ربما يقال : من أنّ الميّت يخرج من كونه متعلّقا وموردا للأحكام بواسطة الموت ، فالرضاع منه لا يترتّب عليه ثمرة شرعيّة أصلا.
فعجيب إلى الغاية ، لأنّ عدم صلاحيّة الميّت لكونه متعلّقا وموردا للأحكام إنّما هو بالنسبة إلى تعلّق حكم بنفسه ، لأنّه ليس قابلا لتوجيه خطاب إليه.
وأمّا تعلّق الأحكام بشخص آخر ، أو أشخاص آخرين ـ لوجود إضافة ونسبة بينه ، أو بينهم وبين الميّت ـ فمما لا كلام فيه فمن ذلك إرثه منه ، وجواز تغسيله لو كان مماثلا أو محرّما ، وإجراء الحدّ عليه لو زنى به ، وأخذ الدية منه لو جنى عليه ، إلى غير ذلك من الأحكام الكثيرة.
وأمّا دعوى انصراف الأدلّة والإطلاقات عن الرضاع من الميتة ، فليس له وجه ، إلاّ قلّة وجود هذا القسم ، وندرة وقوعه ، ولو كان مثل هذا انصرافا ومضرّا بالإطلاق ففي جميع الإطلاقات يلزم أن تكون الأفراد النادرة الوجود خارجة عن تحت
__________________
(١) النساء (٤) : ٢٤.
(٢) النساء (٤) : ٢٣.
(٣) تقدم راجع ص ٣٢٣ ، هامش رقم (٢).