من الرضاع ، مثلا الأمومة إحدى تلك العناوين التي توجب حرمة نكاح الأمّ على ابنها إذا كانت حاصلة من النسب ـ أي : الولادة ـ فهذا العنوان بعينه إذا كان حاصلا من الرضاع أيضا يوجب الحرمة.
فمن النسب يحرم عنوان الأمّ والبنت والأخت وغيرها من العناوين المحرّمة بوجوداتها السارية في جميع مصاديقها ، فكذلك تحرم نفس هذه العناوين أيضا الحاصلة من الرضاع بوجوداتها السارية ، فلا حاجة إلى تقدير لفظة « المثل » أو « النظير » بأن يقال : يحرم من الرضاع نظير ما يحرم من النسب ، كما صنعه شيخنا الأعظم قدسسره في رسالته المعمولة في الرضاع (١) مع اعترافه بأنّ ظاهر هذا الحديث الشريف هو أنّ عين ما يحرم بالنسب يحرم بالرضاع.
نعم لو كان المراد بالموصول في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ما يحرم بالنسب » النساء الخارجيّات المعنونات بهذه العناوين ، فلا بدّ حينئذ من التقدير ، ولكن هذا خلاف ظاهر اللفظ ، لأنّ ظاهره ـ كما ذكرنا ـ أنّ نفس العناوين التي تحرم من النسب ، تحرم أيضا إذا كانت من الرضاع.
إن قلت : قد تكون الحرمة من جهة المصاهرة الشرعيّة كأمّ الزوجة أو بنتها مع الدخول ، بها ، من جهة الزنا كأمّ المزني بها وبنتها ، أو من جهة الإيقاب كأمّ الغلام الموقب وأخته وبنته ، مع أنّ كل هذه المذكورات تحرم إذا كانت هذه العناوين حاصلة من الرضاع ، فالأمّ الرضاعيّة للزوجة ، وبنتها الرضاعية مع الدخول بها ، والأمّ والبنت الرضاعيّتان للمزني بها ، والأمّ والأخت والبنت الرضاعيّات للموقب تحرم هذه كلّها ، مع أنّ الحرمة آتية من ناحية المصاهرة والزنا والإيقاب لا النسب ، فيحتاج حرمة هذه المذكورات إلى دليل غير هذا الحديث الشريف.
قلت : إنّ في حرمة أمّ الزوجة على الزّوج ـ مثلا ـ إذا كانت الأمومة حاصلة من
__________________
(١) « كتاب المكاسب » ص ٣٧٦ و ٣٨٢.