الظاهر هو الأوّل ، وذلك من جهة أنّ المناط الذي أوجب الخيار في تخلّف الشرط الصحيح أو تعذّره موجود ها هنا ، بناء على ما حقّقنا في وجه ثبوت الخيار عند تعذّر الشرط أو عدم العمل على طبقه وعدم الوفاء به ، لا بناء على ما استند إليه شيخنا الأعظم قدسسره من الإجماع أو قاعدة الضرر في الشروط الصحيحة (١).
وذلك من جهة أنّ المناط في مجيء الخيار عند التخلّف في الشروط الصحيحة هو أنّ دليل اللزوم لا يشمل مورد تخلّف الشرط أو تعذّره ، أو عدم الوفاء به ، لأنّ مفاد ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (٢) الذي هو عمدة أدلّة لزوم العقود هو وجوب الوفاء بما التزم به والثبوت عند تعهّده ، فإذا لم يكن له التزام لا يبقى موضوع لوجوب الوفاء به ، فالعقد إن لم يكن شرط في ضمنه عبارة عن تعهّده والتزامه بما هو مضمون العقد ، فبمقتضى مفاد ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) يجب عليه الوفاء بالتزامه بمضمون ذلك العقد والثبوت عنده وإبرامه ، وليس له حلّه وفسخه.
وأمّا إن كان مشروطا بشرط ، سواء أكان ذلك الشرط صحيحا أم فاسدا ، فالتزامه بمضمون ذلك العقد ليس مطلقا ، بل منوط بالعمل على طبق ذلك الشرط ووجوده في وعائه ، فإن تخلّف أو تعذّر ليس له التزام بالوفاء بذلك العقد في ظرف عدم وجود ذلك الشرط ، فموضوع وجوب الوفاء ودليل اللزوم يذهب من البين. وهذا هو المراد من عدم شمول دليل اللزوم لمورد تخلّف الشرط أو تعذّره.
فقد ظهر ممّا ذكرنا أنّ مناط ثبوت الخيار في باب الشروط الصحيحة هو إناطة الالتزام بالوفاء بمضمون العقد بوجود ما اشترط ، فإذا تعذّر أو تخلّف المشروط عليه عن الوفاء به لا التزام من طرف المشروط له ، وعدم الوفاء قد يكون من جهة تعذّره عقلا وقد يكون من جهة فساده شرعا ، والممتنع شرعا كالممتنع عقلا.
__________________
(١) « كتاب المكاسب » ص ٢٨٥.
(٢) المائدة (٥) : ١.