وكيف كان فلا ريب في ضعفه حيث يكون الضم على وجه ينافي الإخلاص ، ويدل على اشتراطه في الصحة ـ بعد الشهرة التي كادت تكون إجماعا بل هي كذلك ، لعدم قدح خلاف المرتضى فيه ، على أن عبارته في الانتصار غير صريحة في ذلك ـ الكتاب كقوله تعالى (١) ( وَما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) إذ الحصر قاض بأن فاقدة الإخلاص لا أمر بها ، فلا تكون صحيحة ، ولا فرق في ذلك بين أن تكون اللام للتعليل وبين جعلها بمعنى الباء ، بل هي على الأول أدل ، وكون الآية خطابا لأهل الكتاب غير قادح بعد قوله تعالى ( وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ) لكون المراد به المستمرة على نهج الصواب ، واحتمال أن يراد الإخلاص من عبادة الأوثان يدفعه ظهور كون المراد به أعم من ذلك ، بل في القاموس والصحاح أنه ترك الرياء ، ويدل عليه أيضا قوله تعالى (٢) ( فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) وقوله تعالى (٣) ( فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً ) وغير ذلك من الآيات المتضمنة للأمر بالعبادة حال الإخلاص الدالة على عدم الأمر بها في غير هذا الحال ان قلنا بحجية نحو هذا المفهوم ، وإلا كان الخصم محتاجا الى الدليل في صحة فاقدة الإخلاص ، والتمسك بإطلاقات الصلاة والوضوء ونحوهما موقوف على صدق الاسم بعد فقده ، وان سلم فالظاهر مما سمعت من الآيات اشتراط صحة العبادة بالإخلاص كقوله صل مستترا أو مستقبلا أو متوضئ ، وبه يقيد سائر المطلقات ، على انه وإن سلمنا صحة اسم الوضوء والصلاة على فاقدة الإخلاص لكنا نمنع إطلاق اسم العبادة عليه ، وحيث لا يكون عبادة لا يجتزى به ، لقوله تعالى ( وَما أُمِرُوا ) فتأمل. وقد يشعر بذلك ما رواه أبو بصير عن الصادق عليهالسلام (٤) قال : سألته « عن حد العبادة التي إذا
__________________
(١) سورة البينة ـ الآية ٤.
(٢) ما وجدناه في القرآن.
(٣) سورة الزمر ـ الآية ٢.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب مقدمة العبادات ـ حديث ٢.