وكذلك ينبغي القطع بخروج الجالس لخروج أحد الأخلاط أو الحقنة مع الخلوص عن الحدث ، ولا يضر الاحتمال مع عدم تحققه ، بل قد يقال ان مثل هذا الخليط لا يدخل لظهورها فيما ذكرنا من التخلي على النحو المتعارف ، ولو اشتبه القبلة وأمكنه تعرفها وجب ، مقدمة للامتثال ، ولو تعذر وجب الاجتناب ما دام ممكنا ، فان حصرها في جهة وإن لم يشخصها وجب عليه اجتناب تلك الجهة ، وهل يقوم الاجتهاد في القبلة عند عدم غيره مقام اليقين كما في الصلاة؟ لا يبعد ذلك ، إما للإلحاق بالصلاة ، أو لدعوى أنه يفهم من نحو قوله عليهالسلام ( لا يستقل القبلة ) قيام الظن مقام العلم عند تعذره ، أو لاستصحاب بقاء التكليف ، فيقضي به العقل بقيام الظن مقام العلم ، للزوم التكليف بما لا يطاق بدونه ، والكل لا يخلو من تأمل.
ولو دار الأمر بين الاستقبال أو الاستدبار قدم الأول ، لكونه أعظم قبحا ، وبينه وبين تكشف العورة فالثاني ، ومدار هذا الترجيح وغيره على ما يحصل عند المجتهد ، فينبغي مراعاة الميزان ، وكان دليل تقديم الأعظم قبحا على غيره العقل ، فضلا عن النقل ، والظاهر انه لا يجب على الأولياء تجنيب الأطفال المميزين أو غير مميزين ، للأصل والسيرة ، وربما احتمل الوجوب للتعظيم ، كما في كل ما كان منشأ الحكم فيه ذلك ، كحرمة المس ونحوها ، وهو ضعيف ، وقد يستفاد من رواية محمد بن إسماعيل المتقدمة عن الرضا عليهالسلام رجحان تجنب القبلة عن كل فعل ردي ، وربما يستأنس له بمرجوحية المواقعة مستقبلا ومستدبرا ، بل في كشف اللثام حرمته ، وقد يشم منه إلحاق الأماكن المشرفة بالقبلة ، بل عن النهاية للفاضل احتمال اختصاص النهي عن الاستدبار بالمدينة ونحوها مما يساويها جهة ، لاستلزام استقبال بيت المقدس ، وإن حكي عن الشهيد أنه قال هذا الاحتمال لا أصل له ، ولعله كذلك ، بل يمكن القطع بخلافه من النصوص والفتاوى ، على أن بيت المقدس قبلة منسوخة ، نعم لا بأس باحترامه من حيث كونه مكانا شريفا كما ذكرناه ، والله العالم.