ابن زربي ومكاتبة علي بن يقطين أن المعروف عندهم التثليث لا التثنية ، وأن في بعضها ( من زاد فلا أجر له ) مما لا يقولون به ـ ليس بأولى مما ذكره الأصحاب ، وكذا ما نقل عن بعضهم من أن المراد بقوله عليهالسلام : مثنى مثنى أي غسلتان ومسحتان ، وكأن الذي دعاه إلى ذلك ما في بعضها أن الصادق عليهالسلام قال : « الوضوء مثنى من زاد لم يؤجر عليه وحكى لنا وضوء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فغسل وجهه مرة واحدة وذراعيه مرة واحدة » إلى آخره. لظهور المنافاة بين حكايته وقوله ، فلا بد من حمل التثنية على ذلك حتى يحصل الاتفاق ، لما فيه ـ مع عدم إمكان جريانه في كثير مما تقدم من الأدلة ـ أنه محتاج إلى التجوز بجعل اليدين عضوا واحدا ، وكذا الرجلين حتى تحصل الاثنينية ، وكذا ما يظهر من صاحب المدارك من حمله رواية الاثنين على نهاية الجواز ، إذ هو ـ مع عدم جريانه في كثير مما سمعت أيضا ـ مناف لاعتبار الرجحان في جزء العبادة ، اللهم إلا أن يدعي أنه رخصة من الشارع ، وليس جزء عبادة ، وهو في غاية البعد ، لاستلزامه تخصيص ما دل على المسح بماء الوضوء وغيره بذلك ، وكذا ما ذكره بعضهم من حمل أخبار التثنية على الغرفتين ، وأخبار المرة على الغسلة ، فيكون المستحب الغسلة الواحدة بغرفتين ، وادعى أنه بذلك تتجه الأخبار ، واستدل عليه بحديث زرارة وبكير (١) قلنا : « أصلحك الله تعالى فالغرفة الواحدة تجزي للوجه وغرفة للذراع ، فقال عليهالسلام : نعم ، واثنتان تأتيان على ذلك كله » وفيه ـ مع مخالفته أيضا لكثير من الوضوءات البيانية ، وعدم إمكان جريانه في نحو رواية داود ابن زربي ومكاتبة علي بن يقطين وغيرهما ـ أنه تحكم في الأخبار ، وحمل لها على ما تشتهي النفس من غير مرشد ، وما ذكره من الخبر لا إشعار فيه بذلك فضلا عن الظهور ، فتأمل.
وليقض العجب مما في الحدائق من اختياره حرمة الثانية وانها تشريع ، وجمعه بين الروايات بأن مدارها جميعا على استحباب الإسباغ ، أي الإتيان بالغسل الواجب
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الوضوء ـ حديث ٣.