مرة مرة فلعل المراد بها الغرفة ، أو ان استحباب الغسل بالنسبة إلى غيرهم كما يشعر بذلك الخبر « ان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وضع الثانية لضعف الناس » وكان وجهه ما نقل عن ابن أبي عقيل أن الاثنتين سنة لئلا يكون قد قصر المتوضي في المرة ، فتأتي الثانية على تقصيره ، وهم منزهون عن احتمال ذلك ، فيكون الاستحباب بالنسبة إلى غيرهم ، على أنه معارض بما سمعت في خبر عمرو بن أبي المقدام « أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم توضأ اثنتين اثنتين » وحمله على إرادة التجديد كما سمعته من الفقيه في غاية البعد ، لتكرر لفظ اثنتين مرتين ، مع أن كون التجديد ليس منحصرا في واحدة ، بل متى قام احتمال الحدث مثلا أو طال زمان استحب التجديد ، مع أن الراغب عن التجديد غير مأنوس حتى تكون الرواية تعريضا به ، ومن هنا تعرف ما في حمل الأخبار الأخر الدالة على أن الوضوء مثنى مثنى على التجديد أيضا ، خصوصا مع اشتمال بعضها على قوله عليهالسلام : ( ومن زاد فلا أجر له ).
فالأوجه الجمع بين هذه الرواية ورواية المرة بأن عادته عليهالسلام كانت المرة ، لكون الثانية مستحبة بالنسبة إلى غيره ، إلا أنه اتفق له فعلها يوما من الأيام لغرض من الأغراض الصحيحة ، كعدم تنفر الناس عنها بتركها ونحوها ، فتكون مستحبة بالنسبة إليه بالعارض ، وأما ما دل على عدم الأجر بالثنتين كما في مرسل ابن أبي عمير وغيره فقد يكون المراد منه أن من لم يستيقن أن الواحدة تجزؤه لا أجر له على الثانية ، بمعنى. يحبط الله أجره عليها كما يومي إليه خبر عبد الله بن بكير المتقدم ، بل لعله مقتضى الجمع بين المطلق والمقيد.
إذا عرفت ذلك كله علمت أن المتجه ما عليه الأصحاب من حمل الغسلة الأولى على الوجوب ، وحمل الثانية على الاستحباب ، وما عن بعض المتأخرين من حمل روايات مثنى مثنى على التقية مدعيا أن العامة تنكر الوحدة ، وتروي في أخبارهم التثنية ضعيف ، وهو ـ مع عدم إمكان جريانه في جميع ما سمعت من الأخبار بل قد يظهر من رواية داود