ولحمل أقوال المسلمين على الصدق.
وعمومه عندنا غير ثابت ، فعدم الثبوت به كما هو مقتضى الاستصحاب أقوى.
والأولى بعدم الثبوت منه : إخبار مَنْ لا يعرف عدالته ، كأكثر المباشرين لغسل الثياب من القصّارين ، والجواري ، والنسوان ، سيما إذا لم يكونوا مواضع الاطمئنان.
والإِثبات به (١) ؛ بكون كل ذي عمل مؤتمن في عمله ، وبدعوى عمل العلماء والفقهاء في الأعصار والأمصار ، بل أصحاب الأئمة الأخيار ؛ ضعيف.
وأما الأول : فلعدم ثبوت تلك القاعدة كلية ، وإنما هو كلام جارٍ على أقلام بعض الفقهاء ، وثبوت ائتمان بعضهم كالقصّاب والحجّام لا يثبت الكلية.
مضافاً إلى أنّ المتبادر من ذي العمل هو صاحب الصناعة والشغل ، لا من يفعل على سبيل الاتفاق ، كأكثر من ذكر.
وأما الثاني : فلعدم ثبوت ذلك منهم في الثياب النجسة ، بحيث يعلم الإِجماع على قبول مثل ذلك ولو بدون ضمّ قرينة موجبة للعلم ، فإنّ ثبوته يتوقف على العلم بتنجّس ثوب جميع العلماء أو غير نادر منهم ، ثم بالاكتفاء في التطهر بقبول قول واحد ممن ذكر ، ثم خلوّ المقام عن القرينة الموجبة للعلم ، وشيء منها لم يثبت بعد.
بل الظاهر من رواية ميسر : آمر الجارية فتغسل ثوبي من المني ، فلا تبالغ في غسله ، فاُصلي فيه فإذا هو يابس ، فقال : « أعد صلاتك ، أما إنّك لو كنت غسلت أنت لم يكن عليك شيء » (٢) : أنّ أنفسهم أيضاً كانوا يغسلون.
__________________
(١) كما في الحدائق ٥ : ٢٨٦.
(٢) الكافي ٣ : ٥٣ الطهارة ب ٣٥ ح ٢ ، التهذيب ١ : ٢٥٢ / ٧٢٦ ، الوسائل ٣ : ٤٢٨ أبواب النجاسات ب ١٨ ح ١.