وكلامهم حول هذا الحديث الشريف يكون في جهتين : جهة السند ، وجهة الدلالة ، ونحن نتكلّم على كلتا الجهتين ، بالنظر إلى الكلمات المذكورة ، لتظهر الحقيقة لكلّ منصف حرّ ...
١ ـ كلماتهم في ما يتعلّق بالسند
أمّا من جهة سند الحديث ، فكلماتهم مضطربة جدّاً ، فهم بعد ما لا يذكرون إلاّ أحد أسانيده فقط ، يختلفون في الحكم عليه ، بين مشكّك في الصحّة ، كأبي حيّان ، يقول : « إنْ صحّ » والالوسي : « أُجيب : لا نسلّم صحّة هذا الحديث » ، وبين قائل بوضعه ، كابن الجوزي ، إذ يقول : « هذا من موضوعات الرافضة ، وبين منكر لأصل وجوده في تفاسيرهم كابن روزبهان.
* فأوّل ما في هذه الكلمات : إنّها ناظرة إلى حديث ابن عبّاس ، فلاحظ زاد المسير ، والبحر المحيط ، وميزان الاعتدال ، والتحفة الإثنا عشريّة ، حيث اقتصروا فيها على رواية ابن عبّاس ، محاولةً منهم ـ بعد فرض كونه ضعيفاً ـ للطعن في أصل الحديث ... وهذا الأُسلوب من أبي الفرج ابن الجوزي ـ خاصّةً ـ معروف .. ولذا لا يعبأ المحقّقون بحكمه على الأحاديث بالوضع إلاّ أن يثبت عندهم ذلك بدليلٍ قطعي .. ومن هنا نرى أنّ أبا حيّان ـ مثلاً ـ يكتفي بالتشكيك في الصحة ولا يجرأ على الحكم بالضعف ، فضلاً عن الوضع.
* ثمّ إنّهم ما ذكروا أيّ دليلٍ على ضعف سند الحديث عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس ، فضلاً عن كونه موضوعاً ، ومن الواضح أنّ مجرّد الدعوى لا يكفي لردّ أيّ حديثٍ من الأحاديث مطلقاً.