قال : « وقال الرازي : استدلال الحمصي فاسد من وجوه :
منها قوله : ( إنّ الإنسان لا يدعو نفسه ) بل يجوز للإنسان أن يدعو نفسه ، تقول العرب : دعوت نفسي إلى كذا فلم تجبني. وهذا يسمّيه أبو علي بالتجريد.
ومنها قوله : ( وأجمعوا على أنّ الذي هو غيره هو عليّ ) ليس بصحيح ، بدليل الأقوال التي سبقت في المعني بقوله : ( أَنْفُسَنا ).
ومنها قوله : ( فيكون نفسه مثل نفسه ) ولا يلزم المماثلة أنّ تكون في جميع الأشياء ، بل تكفي المماثلة في شيءٍ ما ، هذا الذي عليه أهل اللغة ، لا الذي يقوله المتكلّمون من أنّ المماثلة تكون في جميع صفات النفس ، هذا اصطلاح منهم لا لغةً ، فعلى هذا تكفي المماثلة في صفةٍ واحدة ، وهي كونه من بني هاشم ، والعرب تقول : هذا من أنفسنا ، أي : من قبيلتنا.
وأمّا الحديث الذي استدلّ به فموضوع لا أصل له » (١).
أقول :
ويبدو أنّ الرازي هنا وكذا النيسابوري أكثر إنصافاً للحقّ من أبي حيّان ، لأنّهما لم يناقشا أصلاً في دلالة الآية المباركة والحديث القطعي على أفضليّة عليّ عليهالسلام على سائر الصحابة.
أمّا في الإستدلال بها على أفضليّته على سائر الأنبياء ، فلم يناقشا بشيء من مقدماته ، إلاّ أنّهما أجابا بدعوى الإجماع من جميع المسلمين ـ قبل ظهور الشيخ الحمصي ـ على أنّ الأنبياء أفضل من غيرهم.
وحينئذٍ ، يكفي في ردّهما نفي هذا الإجماع ، فإنّ الإماميّة ـ قبل الشيخ
__________________
(١) البحر المحيط ٢ / ٤٨٠.