وَتُزَكِّيهِمْ بِها ) (١) وقال تعالى : ( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) (٢).
فغاية هذا أنْ يكون هذا دعاءً لهم بفعل المأمور وترك المحظور ، والصديق ـ رضياللهعنه ـ قد أخبر الله عنه بأنّه ( الْأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى * وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى * إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى * وَلَسَوْفَ يَرْضى ) (٣).
وأيضاً : فإنّ السابقين الأوّلين من المهاجرين والأنصار والّذين اتّبعوهم بإحسان ( رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) (٤) لا بدّ أنْ يكونوا قد فعلوا المأمور وتركوا المحظور ، فإنّ هذا الرضوان وهذا الجزاء إنّما يُنال بذلك ، وحينئذٍ فيكون ذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم من الذنوب بعض صفاتهم.
فما دعا به النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لأهل الكساء هو بعض ما وصف به السابقين الأوّلين.
والنبيّ دعا لأقوام كثيرين بالجنّة والمغفرة وغير ذلك ، ممّا هو أعظم من الدعاء بذلك ، ولم يلزم أن يكون مَن دعا له بذلك أفضل من السابقين الأوّلين ، ولكنّ أهل الكساء لمّا كان قد أوجب عليهم اجتناب الرجس وفِعل التطهير ، دعا لهم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بأنْ يعينهم على فعل ما أمرهم به ، لئلاّ يكونوا مستحقّين للذمّ والعقاب ، ولينالوا المدح والثواب » (٥).
__________________
(١) سورة المائدة ٩ : ١٠٣.
(٢) سورة البقرة ٢ : ٢٢٢.
(٣) سورة الليل ٩٢ : ١٧ ـ ٢١.
(٤) سورة التوبة ٩ : ١٠٠.
(٥) منهاج السنّة ٥ / ١٣ ـ ١٥.