.................................................................................................
______________________________________________________
الفعل للأمر بالإعادة أو القضاء أمرا واقعيا انتزاعيا واستقلال العقل بسقوطهما حيث أنّ استقلاله ليس بمعنى ثبوت المبدا وكونه بإنشاء العقل وجعله حيث إنّ شأن العقل الإدراك لا الجعل والإنشاء ، فاستقلال إدراكه ـ لا ثبوت المسقطية ـ بإنشائه.
ثمّ أتبع ذلك بأنّ الأمر في استحقاق المثوبة من هذا القبيل ، فإنّ الاستحقاق للمثوبة وإن كان أمرا عقلائيا لأجل بناء العقلاء على مدح الفاعل فيكون أصل الاستحقاق مجعولا عقلائيا ، إلّا أنّ سببية المأتي به لهذا المجعول العقلائي مجعول تبعي تكويني قهري لا أنّه من اللوازم المجعولة ببناء العقلاء (١).
أقول : ما ذكره قدسسره من عدم كون سقوط الإعادة والقضاء والموجبية له مجعولا عقليا بل العقل يدرك مع الإتيان بالعمل بلا خلل ، عدم بقاء الأمر الأول وعدم الأمر بتداركه فهو صحيح ، إلّا أنّ ما ذكره قدسسره من أنّه ليس شأن العقل إلّا الإدراك فيمكن المناقشة فيه بأنّ ما ذكره من كون الاستحقاق من بناء العقلاء غير صحيح فإنّ المدح يكون من العقلاء واستحقاقه بحكم العقل.
وأمّا ما ذكر قدسسره من أنّ سببيّة المأتي للاستحقاق أمر تكويني فلم يظهر لي المعنى الصحيح منه ، فإنّ السببية بمعنى الموضوعية لا غير ، ولا معنى لكون الحكم للمأتي به أمرا عقليا أو عقلائيا ويكون موضوعيته له أثرا تكوينيا لأنّ السببية لحكم شرعي أو عقلي ينتزع من ثبوت الحكم لشيء قد جعله الحاكم موضوعا له. نعم ، منشأ الجعل قد يكون أمرا تكوينيا.
وبالجملة لو كان استحقاق المثوبة ببناء العقلاء لكان الإتيان بمتعلّق الأمر من
__________________
(١) نهاية الدراية ٢ / ٣٨٧.