فيه إشكال ، لاحتمال اختصاص حجيتها بما إذا شك في كون فرد العام محكوما بحكمه ، كما هو قضية عمومه ، والمثبت من الأصول اللفظية وإن كان حجة ، إلّا أنه لا بد من الاقتصار على ما يساعد عليه الدليل ، ولا دليل هاهنا إلّا السيرة وبناء العقلاء ، ولم يعلم استقرار بنائهم على ذلك ، فلا تغفل.
______________________________________________________
لا يمكن إثبات الوضع بأصالة الحقيقة ، والشك في المقام ليس من الشكّ في المراد من خطاب العام ، حيث يعلم أنّ حكمه لا يعمّ زيدا والشك في كيفية إرادة حكمه وأنّه بالتخصيص أو بالتخصّص.
ومن فروع المقام على ما قيل في ماء الاستنجاء ، فإنّه غير منجّس جزما ، ولكن عدم كونه منجسا إمّا من جهة رفع اليد عن عموم ما دلّ على تنجّس الماء القليل بملاقاة المتنجّس الحامل لعين النجاسة أو من جهة تخصيص ما دلّ على تنجيس الماء القليل المتنجّس.
وبتعبير آخر : يدور الأمر في قاعدة تنجيس الماء المتنجس بالإضافة إلى ماء الاستنجاء بين التخصّص بأن يكون ماء الاستنجاء طاهرا وبين التخصيص بأن يكون نجسا ، ولكنّه غير منجّس للطاهر الذي يلاقيه ، ولو أمكن إثبات كونه طاهرا لعموم القاعدة وأصالة عدم ورود التخصيص عليه يترتّب عليه آثار الماء الطاهر من جواز استعماله ورفع الخبث به.
ولكن لا يخفى أنّ قاعدة تنجيس كل ماء قليل متنجّس وكذا تنجّس كلّ ماء قليل لاقى نجسا اصطيادية ولم يرد فيهما خطاب عام ، وإلّا لتعيّن الأخذ بعموم خطاب ما دلّ على تنجّس الماء القليل لكون الشك فيه ، في المراد ، ولكنّ ظاهر ما دلّ على نفي البأس عن ماء الاستنجاء (١) طهارته.
__________________
(١) الوسائل : ج ١ ، باب ١٣ من أبواب الماء المضاف.