.................................................................................................
______________________________________________________
المستفاد من الخطاب ـ قيدا للحكم ، فإنّ انتفاء ذلك الحكم مع انتفاء الشرط يكون من قبيل انتفاء الحكم بانتفاء الموضوع ، حيث إنّ الموضوع للحكم هو الشيء الخاص أو المقيّد وانتفائه يكون بانتفاء ذات الشيء وذات المقيّد تارة ، وبانتفاء خصوصيته وقيده أخرى ، وعلى كلا التقديرين فلا موضوع للحكم الوارد في الجزاء مع عدم تحقّق الشرط ، كقوله سبحانه وتعالى (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا)(١) ، فإنّ الموضوع لتبيّن نبأ الفاسق ، ومع انتفاء الشرط لا تحقّق لهذا الموضوع.
نعم ، يدخل الوارد في الشرط موضوعا ـ في بعض الموارد ـ في بحث مفهوم الوصف ، وهذا كلام آخر ، كما في قوله : «إذا كان عندك غنم سائمة فزكّها» ، وهكذا يلحق بفرض انتفاء الموضوع بانتفاء الشرط كلّ ما لم يمكن تحقّق متعلّق الحكم والتكليف فيه فرض انتفاء الشرط ، كما في قوله سبحانه وتعالى. (لا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً)(٢) ، فإنّ الإكراه المتعلّق به التحريم لا يتحقّق إلّا مع إرادتهنّ التحصّن ، فإنّ الإكراه عبارة عن حمل الغير على ما يكرهه ، فعدم الحرمة مع عدم إرادتهنّ التحصّن ، لانتفاء الإكراه ، ولا ينافي ذلك حرمة ترغيبهنّ إلى البغاء في غير هذا الفرض فإنّ الترغيب والتسبيب إلى بغائهن مع إرادتهن البغاء فعل آخر لا يرتبط بالمفهوم ، ونظير ذلك ما إذا لم يكن نفس الحكم قابلا للتكرار في غير مورد الشرط كما في الوصية بشيء لشخص أو وقفه على طائفة ، فإنّه يكون انتفاء الملكية عن غير الموصى له أو عن غير الموقوف عليه عقليا ، لا بدلالة الخطاب من غير فرق في هذه
__________________
(١) سورة الحجرات : الآية ٦.
(٢) سورة النور : الآية ٣٣.