خلاصة البحث مع رأي المصنف «قدسسره»
يتلخص البحث في أمور :
١ ـ ذكر الفاضل التوني لأصل البراءة شرطين آخرين :
أحدهما : أن لا يكون موجبا لثبوت حكم شرعي من جهة أخرى ، فلا يجري في مثل ما إذا كان لشخص مال على قدر استطاعة الحج على فرض عدم الدين ، فإذا شك في وجود الدين ونفى الدين بأصل البراءة يلزم منه ثبوت الاستطاعة الشرعية ، فيجب عليه الحج ؛ لأن جريان أصل البراءة موجب لثبوت حكم شرعي من جهة أخرى ، فلا تجرى البراءة ؛ لأن المستفاد من أدلتها : أنها مسوقة للامتنان ، وكونها مستلزمة لثبوت حكم آخر ينافي الامتنان ، فلا تجرى البراءة في المثال المذكور ، لأن شأن أصل البراءة هو نفي الحكم فقط لا النفي من جهة والإثبات من جهة أخرى.
وقيل في وجه عدم جريان البراءة إذا كانت مثبتة لحكم شرعي من جهة أخرى : إنها أصل مثبت ، والأصل المثبت ليس بحجة.
الشرط الثاني : الذي ذكره الفاضل التوني لأصل البراءة ـ هو أنه يعتبر في جريانها أن لا يكون موجبا لضرر الغير ، كما إذا فتح إنسان قفص الطير الذي هو لإنسان آخر ، أو حبس شاته حتى مات ولدها ، أو أمسك رجلا فهربت دابته وضلت ، فإن إجراء أصل البراءة عن الضمان في أمثال هذه الموارد موجب لضرر صاحب الطير والشاة والدابة ، فمثل هذا الأصل لا يجري ؛ لما عرفت من : أن أصل البراءة يكون للامتنان وكونه موجبا للضرر على الغير ينافي الامتنان.
٢ ـ ردّ المصنف على الشرط الأول : أن موضوع الحكم الشرعي تارة : يكون أمرا ظاهريا أو أعم منه ؛ كعدم استحقاق العقوبة الذي هو مقتضى البراءة العقلية والإباحة ، وعدم الحكم الذي هو مقتضى البراءة الشرعية ؛ كما إذا فرض ترتب جواز البيع على كل ما يكون حلالا ولو ظاهرا ، فحينئذ : إذا شك في حرمة شرب التتن ونحوه من الشبهات البدوية ، وبعد الفحص جرت فيه البراءة الشرعية المثبتة لحليته ثبت جواز بيعه أيضا ؛ إذ المفروض : كون موضوع جواز بيعه حليته ولو ظاهرا ، فيترتب عليه جواز البيع ؛ إذ لو لم يترتب جواز البيع على هذه الحلية يلزم تخلف الحكم عن موضوعه وهو محال.
وأخرى : يكون موضوع الحكم أمرا واقعيا ؛ كما إذا ترتب الحكم الشرعي على عدم شيء واقعا لا ظاهرا ولا أعم من الواقع والظاهر ؛ كما إذا فرض أن موضوع وجوب الحج