.................................................................................................
______________________________________________________
إلى وجود الكلي بنفسه ، مع قطع النظر عن وجود الفرد ؛ إذ من المعلوم : أن وجود الكلي بنفسه كان متيقنا سابقا ولم يعلم ارتفاعه ، فلا بد من البناء عليه ، وتعدد الوجودات لا ينافي صدق البناء عليه ؛ وإن كان منافيا بالنسبة إلى الفرد.
وبالجملة : أن أركان الاستصحاب حاصلة بالنسبة إلى نفس الكلي ؛ لأنا نعلم بالوجدان بوجود الكلي سابقا ، ونشك في بقائه لاحقا.
وإن لم تكن الأركان حاصلة بالنسبة إلى كل واحد من الفردين ؛ لأنه قد علم بارتفاع بعض وجوداته وشك في حدوث ما عداه ؛ إلّا إن عدم حصول الأركان بالنسبة إلى الأفراد مانع من إجراء الاستصحاب في الأفراد دون الكلي كما تقدم نظيره في القسم الثاني من أقسام استصحاب الكلي.
هذا غاية ما يمكن أن يقال في وجه القول الأول وهو جريان الاستصحاب في القسم الثالث مطلقا.
ويرد عليه بما حاصله : من أن الوجود المتيقن للكلي قد علم بارتفاعه والمشكوك هو وجود آخر غير الوجود الأول المتيقن ؛ لأن وجود الكلي يتعدد بتعدد أفراده ، فالشك في الحقيقة ليس شكا في بقاء ما هو المتيقن ؛ بل في الحدوث ، ومثله غير مجرى الاستصحاب.
فالمتحصل : أنه يعتبر في جريان الاستصحاب أن يكون الشك في بقاء ما علم حدوثه ؛ بأن يكون وجوده البقائي عين وجوده الحدوثي ، من دون تفاوت بينهما إلّا في الزمان.
ومن المعلوم : أن الكلي لا وجود له إلّا بوجود فرده ، فإذا علم بوجوده في ضمن فرد ، وعلم بارتفاع ذلك الفرد فقد علم لا محالة بارتفاع الكلي أيضا ، فلا يجري الاستصحاب أصلا ؛ لأن العلم بوجود الكلي في فرد معين يوجب العلم بوجود الكلي المتخصص بخصوصية هذا الفرد.
وأما وجود الكلي المتخصص بخصوصية فرد آخر ، فلم يكن معلوما لنا ، فما هو المعلوم لنا قد ارتفع يقينا ، وما هو محتمل البقاء لم يكن معلوما لنا ، فلا يكون الشك متعلقا ببقاء ما تعلق به اليقين ، فلا يجري فيه الاستصحاب. هذا غاية ما يمكن أن يقال في الجواب عن القول الأول.