فالأولى (١) الاستدلال للوجوب بما دل من الآيات (٢) والأخبار على وجوب التفقه والتعلم (٣) والمؤاخذة (٤) على ترك التعلم في مقام الاعتذار عن العمل بعدم العلم بقوله (٥) تعالى (٦) كما في ...
______________________________________________________
ولا يخفى : أن الشيخ «قدسسره» تعرض لهذا الدليل العقلي أيضا بقوله : «الخامس : حصول العلم الإجمالي لكل أحد قبل الأخذ في استعلام المسائل بوجود واجبات ومحرمات كثيرة في الشريعة ، ومعه لا يصح التمسك بأصل البراءة ؛ لما تقدم من أن مجراه الشك في أصل التكليف لا في المكلف به مع العلم بالتكليف». «دروس في الرسائل ، ج ٤ ، ص ١٢٥».
وصريح كلامه : كون المقام من الشك في المكلف به لا في التكليف ، ولذا لا تجري فيه البراءة ، وقد عرفت أن بحثنا في الشبهات البدوية دون المقرونة بالعلم الإجمالي. وهناك كلام طويل تركناه رعاية للاختصار.
(١) هذا هو الوجه الثالث الذي استدل به على وجوب الفحص.
(٢) أي : مثل آية السؤال أو النفر الذي هو في معنى الفحص.
(٣) كالنبوي «طلب العلم فريضة على كل مسلم ألا إن الله يحب بغاة العلم» (١).
وقوله «عليهالسلام» : «أيها الناس : اعلموا أن كمال الدين طلب العلم والعمل به ، ألا وإن طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال ...» (٢). الحديث وغيرهما.
(٤) عطف على «وجوب التفقه».
تقريب الاستدلال بما دل على وجوب التعلم والمؤاخذة على تركه : أنه لو كان إجراء البراءة قبل الفحص جائزا ، وكانت المؤاخذة على خصوص الواجبات والمحرمات المعلومة لم يكن وجه لوجوب التعلم واستحقاق المؤاخذة على تركه ؛ إذ المفروض : وجود المعذّر وهو البراءة ، ومقتضى إطلاق أدلة البراءة لما قبل الفحص وبعده واختصاص ما دل على وجوب التعلم والمؤاخذة بما قبل الفحص تقييد إطلاق الأول بالثاني ؛ لكونه أخص من الأول كسائر المطلقات والمقيدات.
(٥) متعلق ب «المؤاخذة» التي هي نوع من التوبيخ ، و «على ترك» و «في مقام» متعلقان بالمؤاخذة أيضا ، و «عن عدم» و «بعدم العلم» متعلقان باعتذار.
(٦) (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ). الأنعام : ١٤٩.
__________________
(١) المحاسن ١ : ٢٢٥ / ١٤٦ ، الكافي ١ : ٣٠ / ١ ، الوسائل ٢٧٠ : ٢٥ / ٣٣١١٥
(٢) الكافي ١ : ٣٠ / ٤ ، الوسائل ٢٧ : ٢٤ / ٣٣١١١.