.................................................................................................
______________________________________________________
كان حجة لخصص العموم ، فإثبات عدم حجية بنائهم على الاستصحاب بأصالة عموم الآيات متوقف على عدم حجية بنائهم ، وهو الدور. فلا فارق بين المقام ومسألة حجية الخبر.
لأنه يقال : إن هذا التوهم توهم فاسد ، للفرق بين المقامين ؛ إذ في بحث الخبر بعد تقرير الدور من الطرفين أثبت المصنف اعتبار السيرة التي كانت على حجية الخبر بالاستصحاب المفروغ عن اعتباره ، وخصص به الآيات الناهية. وهذا بخلاف المقام ؛ إذ لا دليل على اعتبار بناء العقلاء على الحالة السابقة ؛ لفرض : عدم ثبوت حجية الاستصحاب بعد ، فكيف تخصص الآيات الرادعة بالسيرة التي لم يثبت اعتبارها شرعا؟ وهناك كلام طويل تركناه رعاية للاختصار.
خلاصة بحث الدليل الأول من الأدلة على حجية الاستصحاب وهو بناء العقلاء :
١ ـ المراد من بناء العقلاء وسيرتهم : هو عملهم في قبال الإجماع القولي ، والاستدلال ببناء العقلاء على اعتبار الاستصحاب مؤلف من مقدمتين :
أما المقدمة الأولى : فمحصلها استقرار بناء العقلاء على إبقاء ما كان على ما كان ـ بمعنى كون الاعتماد على الوجود السابق المتيقّن في ظرف الشك في بقائه ـ من مرتكزات العقلاء في جميع أمورهم ؛ بل يمكن دعوى عدم اختصاص هذا البناء بالعقلاء لأنه دأب كل ذوي الشعور ؛ لما يرى من رجوع الحيوانات إلى أو كارها بعد تركها.
وأما المقدمة الثانية : فلأن هذا البناء حجة شرعا لعدم ردع الشارع عنه وهذا المقدار كاف في الإمضاء.
إيراد المصنف على هذا البناء بوجهين :
٢ ـ الوجه الأول : ما يرجع إلى منع المقدمة الأولى ؛ إذ ليس المقصود بالاستدلال بهذا البناء إثبات تعويلهم على الحالة السابقة تعبدا ؛ إذ لا معنى للتعبد المحض في عمل العقلاء به ارتكازا ؛ بل لا بد من استناده إلى منشأ عقلائي وهو أحد أمور ثلاثة :
١ ـ بأن يكون منشؤه الاحتياط ؛ كإرسال الأموال إلى الولد في بلد آخر رجاء واحتياطا خوفا من ابتلاء ابنه بضيق المعاش على تقدير كونه حيا.
٢ ـ أن يكون منشؤه الاطمئنان بالبقاء ؛ كإرسال التاجر البضائع إلى تاجر في بلد آخر.