كما لا يبعد (١) ترتيب ما كان بوساطة ما لا يمكن التفكيك عرفا بينه وبين المستصحب تنزيلا ، كما لا تفكيك بينهما واقعا (٢) ، أو بواسطة (٣) ما لأجل وضوح
______________________________________________________
وإنما هو توسعة في نفس مفهوم «لا تنقض» وصدقه حقيقة على مورد خفاء الواسطة.
(١) هذا إشارة إلى المورد الثاني من الموارد الثلاثة المستثناة من عدم حجية الأصل المثبت ، ولم أعثر على من تعرض له قبل المصنف ، قال في حاشية الرسائل : «ويلحق بذلك ـ أي : خفاء الواسطة ـ جلاؤها ووضوحها فيما كان وضوحه بمثابة يورث الملازمة بينهما في مقام التنزيل عرفا ؛ بحيث كان دليل تنزيل أحدهما دليلا على تنزيل الآخر كما هو كذلك في المتضايفين ؛ لأن الظاهر : أن تنزيل أبوة زيد لعمر ومثلا يلازم تنزيل بنوة عمرو له ، فيدل دليل تنزيل أحدهما على تنزيل الآخر ولزوم ترتيب ما له من الأثر».
ومحصله : أن وضوح الواسطة وجلاءها إن كان بمثابة يمنع التفكيك بينهما وبين ذيها تنزيلا ، كما يمنع التفكيك بينهما واقعا كالمتضايفين ؛ كان التعبد بأحدهما تعبدا بالآخر ، فالتعبد بأخوة بكر في الرضاع مثلا لبشر الذي هو ولد بطني للمرضعة ملازم للتعبد بأخوة بشر لبكر وهكذا بسائر الأمور المتضايفة ، وقد أضاف المصنف الواسطة الجلية إلى الخفية.
ثم إن ما ذكره من الواسطة الجلية ينقسم إلى قسمين : الأول : ما أشار إليه بقوله : «ما لا يمكن التفكيك عرفا ...» الخ ، وهذا القسم يكون فيما إذا كان مورد الاستصحاب العلة التامة أو الجزء الأخير منها ؛ إذ كما لا تفكيك بين العلة ومعلولها واقعا ، كذلك لا تفكيك بينهما تنزيلا بنظر العرف.
(٢) قيد لقوله : «لا تفكيك» كما أن «تنزيلا» قيد لقوله : «لا يمكن التفكيك» يعني : أن الارتباط بين المستصحب والواسطة يكون بمثابة لا يمكن التفكيك بينهما لا واقعا ولا تنزيلا.
(٣) معطوف على قوله : «بوساطة» ، وهذا إشارة إلى القسم الثاني من الواسطة الجلية ، وهو يكون في موردين : أحدهما : لازم الشيء ، والآخر : ملازمه.
أما الأول : فكضوء الشمس ، فإذا جرى الاستصحاب في بقاء قرص الشمس في قوس النهار ترتب على لازمها ـ وهو الضوء ـ أثره الشرعي أعني : طهارة الأرض والحصر والبواري المجففة بضوئها ، فإن استصحاب بقاء الشمس ملازم لاستصحاب ضوئها الموجب لترتب أثره الشرعي وهو الطهارة المزبورة.
وكالجود بالنسبة إلى حاتم ، فإن استصحاب حياته والتعبد ببقائها يستلزم التعبد ببقاء