وجدت بأسبابها ، لا يكاد يشك في بقائها إلّا من قبل الشك في الرافع لها ، لا من قبل الشك في مقدار تأثير أسبابها ، ضرورة (١) أنها إذا وجدت بها كانت تبقى ما لم يحدث رافع لها ، كانت من الأمور الخارجية (٢) أو الأمور الاعتبارية التي كانت لها
______________________________________________________
طهارة الثوب المتنجس المغسول مرة ، ولم يتعرض المصنف «قدسسره». للمثال الأول وهو وجوب الصوم بعد عروض المرض.
(١) تعليل لكون الشك في بقائها لأجل الشك في وجود رافعها لا لأجل الشك في مقدار تأثير أسبابها.
وحاصل التعليل : الحكم ببقاء المسبب عند وجود سببه وعدم ارتفاعه إلّا بحدوث رافع. وضميرا «أسبابها ، أنها» راجعان إلى الطهارة ، وضمير «بها» راجع إلى «أسبابها» ، وضمير «لها» إلى الطهارة.
(٢) يعني : لا فرق فيما ذكرناه من بقاء الطهارة إذا وجدت بأسبابها وعدم ارتفاعها إلّا بحدوث رافع بين كون الطهارة من الأمور الواقعية التي كشف عنها الشارع ، كما احتمله بعض ، وبين كونها من الأمور الاعتبارية التي اعتبرها الشارع ، وعلى الاحتمال الأول : تكون موضوعا لأحكام شرعية ، وعلى الثاني : الذي هو مذهب الجلّ تكون بنفسها حكما شرعيا إن كان معتبرها الشارع ، وإن كان معتبرها العرف كما هو ظاهر قوله : «أو الأمور الاعتبارية التي كانت لها آثار شرعية» تكون موضوعا لأحكام شرعية كالاحتمال الأول.
وكيف كان ؛ فغرض المصنف «قدسسره» هو الإشارة إلى بطلان تفصيل الفاضل النراقي بين الأمور الشرعية والخارجية بتعارض استصحابي الوجود والعدم في الأول ، وجريان استصحاب الوجود فقط في الثاني من دون جريان استصحاب العدم فيه حتى يتعارضا.
وأما وجه البطلان : فلأن الشك في الأمثلة المذكورة كلها شك في الرافع وليس الشك فيها شكا في المقتضي أي : في مقدار تأثير الشك. وعليه : فلا مجال لأصالة عدم جعل الوضوء سببا للطهارة بعد المذي ، ولا لأصالة عدم جعل الملاقاة سببا للنجاسة بعد الغسل مرة ، ولا يكون هاهنا أصل إلّا أصالة الطهارة أو النجاسة يعني بها : استصحاب الطهارة من قبل المذي أو استصحاب النجاسة من قبل الغسل مرة.
وذلك لم نعلم من أن الشارع جعل الوضوء سببا تاما للطهارة وملاقاة البول سببا تاما للنجاسة لا قصور في سببيتهما أصلا وإنما يقع الشك في رافعية المذي للطهارة أو الغسل