كونه واجبا غيريا يترشح وجوبه من وجوب غيره ، فيكون (١) مقدميا ؛ بل للتهيؤ لإيجابه (٢) فافهم (٣).
وأما الأحكام (٤) : فلا إشكال في وجوب الإعادة في صورة المخالفة ؛ بل في صورة
______________________________________________________
(١) يعني : حتى يكون التعلم واجبا مقدميا ؛ بأن ينشأ وجوبه عن وجوب غيره.
(٢) أي : لإيجاب الغير ، وهذا هو الوجوب النفسي التهيئي ؛ لأنه كما مر سابقا عبارة عن التهيؤ لإيجاب شيء على المكلف ، وقوله : «بل للتهيؤ» عطف على «لا يوجب» ، يعني : بل وجوبه للتهيؤ لإيجاب الغير.
(٣) يمكن أن يكون إشارة إلى وجوه لعل أوجهها : إباء حمل نصوص وجوب التعلم على النفسي التهيئي الذي وجه به الشيخ «قدسسره» كلام العلمين الأردبيلي وصاحب المدارك «قدسسرهما» ، ضرورة : أن قولهم «عليهمالسلام» في بعضها : «هلّا تعلمت حتى تعمل» كالصريح في كون التعلم مقدمة للعمل في الخارج ، لا مقدمة لوجوب العمل حتى يكون وجوب التعلم نفسيا تهيئيا له لا غيريا لوجوده كما لا يخفى. فإن كان وجوبه تهيئيا كان التعبير هكذا : «هلّا تعلمت حتى يجب أن تعمل».
وبالجملة : لا تدل نصوص وجوب التعلم على وجوبه النفسي التهيئي ، فإما تدل على وجوبه الغيري ، وإما على وجوبه الطريقي ، ولا يترتب استحقاق العقوبة على شيء منهما. وقد مرت الإشارة إلى الإشكال في وجوبه الغيري ؛ لعدم كون التعلم مقدمة وجودية للواجب بل هو مقدمة للعلم بوجوده ، فليس وجوب التعلم إلا وجوبا طريقيا.
فما أفاده الشيخ «قدسسره» من كون وجوبه غيريا لا يخلو من الغموض ؛ لما عرفت من : عدم كون التعلم مقدمة وجودية للواجب حتى يجب بالوجوب الغيري المقدمي ، مضافا إلى : عدم اقتضاء الإيجاب الغيري لاستحقاق العقوبة. هذا تمام الكلام في المقام الأول المعقود لبيان ما للعمل بالبراءة قبل الفحص من استحقاق العقوبة.
(٤) هذا هو المقام الثاني المتكفل لحكم العمل بالبراءة قبل الفحص والتعلم ، وقوله : «أما الأحكام» : عطف على «أما التبعة» المذكور بعد قوله : «ولا بأس بصرف الكلام في بيان بعض ما للعمل بالبراءة قبل الفحص من التبعة والأحكام».
ولا يخفى : أن الأولى التعبير ب «الحكم» كما عبّر به الشيخ «قدسسره» بقوله : «وأما الكلام في الحكم الوضعي وهي صحة العمل الصادر من الجاهل وفساده ، فيقع الكلام فيه تارة في المعاملات وأخرى في العبادات ...» الخ ؛ إذ المقصود هنا هو : بيان الحكم الوضعي فقط أعني : الصحة أو الفساد ، وهو حكم واحد ، وليس هنا حكم تكليفي