.................................................................................................
______________________________________________________
تكوينا أن يكون له سببية لوجوب الصلاة ، فهو مجعول تكويني عرضي تبعا لجعل موضوعه تكوينا.
وأما عدم كون هذا القسم مجعولا تبعا : فلما أشار إليه المصنف بقوله : «حيث إنه لا يكاد يعقل انتزاع هذه العناوين لها من التكليف المتأخر عنها ذاتا حدوثا وارتفاعا».
قوله : «حدوثا» إشارة إلى السببية والشرطية. وقوله : «ارتفاعا» إشارة إلى المانعية والرافعية ، فهذا القسم لا يكون مجعولا أصلا لا استقلالا ولا تبعا. وأما عدم كونه مجعولا مستقلا : فلما عرفت من كون الدلوك سببا لوجوب الصلاة تكوينا لا تشريعا.
وأما عدم كونه مجعولا تبعا للتكليف : فلأن التكليف متأخر عن السببية والشرطية ، فلا يعقل أن يكون مجعولا بتبع ما هو متأخر عنه ؛ إذ يلزم تقدم شيء على نفسه ، وكذلك يكون التكليف متأخرا عن المانعية لأن المانعية متقدمة على عدم التكليف ، فتكون متقدمة على نفس التكليف حفظا لاتحاد مرتبة النقيضين ، كما يكون التكليف متأخرا عن الرافعية لأن الرافعية متقدمة على عدم التكليف بقاء ، فتكون متقدمة على بقائه حفظا لاتحاد مرتبة النقيضين ، فيكون التكليف في البقاء متأخرا عن الرافعية وكيف كان فالتكليف متأخر عن السببية والشرطية والمانعية والرافعية ، فلو كان الوضع أي : هذه الأمور منتزعة عن التكليف يلزم تقدم التكليف على هذه الأمور ، وذلك مستلزم لتقدم الشيء على نفسه ، وهو محال باطل.
وأما وجه القسم الثاني ـ وهو ما يقبل الجعل تبعا كجزئية السورة ـ فواضح لا يحتاج إلى البيان والتوضيح.
وأما وجه القسم الثالث ـ وهو ما يقبل الجعل استقلالا وتبعا ـ فهو كالملكية مثلا ، حيث يقبل الجعل بكلا قسميه ، أما استقلالا فمثل جعل الشارع وإمضائه الملكية عند تحقق عقد ، فالملكية مجعولة استقلالا لا تبعا ، وإلا لزم أن لا يقع ما قصد ويقع ما لم يقصد ، فإن مقصود ولي المال من قوله : «بعته أو ملّكته المال الكذائي» هو إيجاد الملكية لغيره لا الحكم بإباحة التصرف ، فإن كانت الملكية مجعولة تبعا ومنتزعة عن الحكم الذي في موردها يلزم أن يتحقق بقوله : «ملّكتك» جواز التصرف لا الملكية حيث إن الملكية على الانتزاع والتبعية لا تحصل بصرف الجعل والإنشاء ، بل بتبعية الآثار والأحكام الحاصلة بقوله : «ملكتك» ، وتلك الآثار والأحكام غير مقصودة من هذا القول ، فيلزم ما ذكرناه من أنه لا يقع ما قصد ويقع ما لم يقصد.