الوجه الثاني (١) : أن الثبوت في السابق موجب للظن به في اللاحق.
______________________________________________________
٣ ـ أن يكون منشؤه الغفلة عن شكه الفعلي في بقاء ما كان ؛ كما إذا غير مسكنه وغفل عنه ، فإنه قد يذهب إلى داره الأولى غفلة.
وعليه : فليس من ارتكازيات العقلاء العمل تعبدا بالمتيقن السابق في ظرف الشك في بقائه ؛ كي يتجه الاستدلال به على اعتبار الاستصحاب.
٣ ـ الوجه الثاني : ما يرجع إلى منع المقدمة الثانية ، أعني : تحقق شرط الاعتبار ؛ إذ من شرائط حجية بناء العقلاء هو : إمضاء الشارع ولو بعدم الردع لكنه ممنوع ؛ إذ لا دليل على الإمضاء ، بل دل على الردع عنه طائفتان من الأدلة :
الأولى : هي الآيات والروايات الناهية عن العمل بغير علم كقوله تعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)(١) ، ومن المعلوم : أن كل ما ليس بعلم موضوع للنهي عن اتباعه ، فهي شاملة للمقام إذ المفروض : زوال اليقين ببقاء الحالة السابقة.
الثانية : ما دل من الكتاب والسنة على كون المرجع في الشبهات أصالة البراءة ، كما هو مذهب الأصوليين ، أو أصالة الاحتياط كما هو مذهب الأخباريين.
فالمتحصل : أن بناء العقلاء على الأخذ باليقين السابق على تحققه يكون مردوعا عنه ، فلا عبرة به لإثبات حجية الاستصحاب.
٤ ـ رأي المصنف «قدسسره» :
هو عدم صحة الاستدلال ببناء العقلاء على حجية الاستصحاب.
الدليل الثاني : حجية الاستصحاب من باب الظن
(١) وحاصل هذا الوجه العقلي على حجية الاستصحاب : أن الثبوت السابق مفيد للظن به في اللاحق.
إما بدعوى : أن مجرد ثبوت شيء مع عدم الظن بارتفاعه يوجب الظن بالبقاء.
أو دعوى : أن الغالب هو بقاء ما لم يعلم ارتفاعه بعد العلم بثبوته ، وإليه استند شارح المختصر الحاجبي فقال : معنى استصحاب الحال : أن الحكم الفلاني قد كان ولم يظن عدمه ، وكل ما كذلك فهو مظنون البقاء.
وقد أورد المصنف «قدسسره» على هذا الوجه الثاني بوجوه :
الوجه الأول : ما يرجع على الدعوى الأولى فقط وحاصله : منع علّية مجرد الوجود السابق للظن بالبقاء ، ضرورة : أن الممكن كما يحتاج في حدوثه إلى مؤثر كذلك يحتاج
__________________
(١) الإسراء : ٣٦.