يكون
مجرى الاستصحاب إلا حكما أصوليا كالحجية مثلا ، هذا (١) لو كان الاستصحاب عبارة
عما ذكرنا (٢).
وأما
لو كان عبارة عن بناء العقلاء على بقاء ما علم ثبوته ، أو الظن به الناشئ من
______________________________________________________
الأصولية غموض ؛
لأن الاستصحاب حينئذ قاعدة مستفادة من السنة وليس التكلم فيه تكلما في أحوال السنة
... والمسألة الأصولية هي التي بمعونتها يستنبط هذه القاعدة من قولهم «عليهمالسلام» : «لا تنقض اليقين بالشك ...». نعم ؛ يندرج تحت هذه
القاعدة مسألة أصولية يجري فيها الاستصحاب ، كما تندرج المسألة الأصولية أحيانا
تحت أدلة نفي الحرج ، كما ينفي وجوب الفحص عن المعارض حتى يقطع بعدمه بنفي الحرج».
ثم اختار هو «قدسسره» ضابطا آخر للمسألة الأصولية يندرج معه الاستصحاب في علم
الأصول ، وهو ما لا حظّ للمقلد في إجرائها في موردها ، هذا ما أفاده الشيخ.
وأما المصنف :
فلمخالفته القوم في تعريف علم الأصول وفي موضوعه ـ بما تقدم منه في أول الكتاب ـ
عدل عما أفاده الشيخ إلى ما في المتن ، حيث استدل على كون الاستصحاب مسألة أصولية
بقوله : «حيث يبحث فيها لتمهيد قاعدة ... وليس مفادها حكم العمل بلا واسطة ...».
ولعل غرضه من قوله
: «كيف؟ وربما ...» منع مقايسة الاستصحاب بقاعدة نفي الحرج الجارية في مثل وجوب
الفحص عن المعارض وهو حكم أصولي ، فإن جريانها فيه لا يخرجها عن القواعد الفقهية
ولا يدرجها في علم الأصول ، فالاستصحاب الجاري في الحكم الأصولي قاعدة فقهية أيضا.
وجه منع المقايسة
: بطلان المقيس عليه ، وذلك لأن وجوب الفحص عن المعارض ليس حكما أصوليا حتى يقال :
بأن نفيه بقاعدة الحرج لا يوجب كونها مسألة أصولية ، يتجه النقض حينئذ ؛ لوضوح :
كون وجوب الفحص حكما فرعيا متعلقا بعمل المجتهد في مقام الاستنباط ، فلم تجر قاعدة
نفي الحرج في حكم أصولي حتى يقاس الاستصحاب الجاري في الحكم الأصولي عليه.
وهذا بخلاف الحجية
التي هي حكم أصولي محض ، فإن جريان الاستصحاب في الحجية شاهد على كونه مسألة
أصولية لا فقهية ، ولا يقاس بقاعدة نفي الحرج هذا.
(١) أي : ما
ذكرناه من الوجه لكون الاستصحاب مسألة أصولية.
(٢) من كونه أصلا
عمليا ، وهو الحكم ببقاء حكم أو موضوع شك في بقائه.