وعمد زياد إلى عبيد بن كعب النميري البصري وقال له : إن أمير المؤمنين! كتب إليّ يستشيرني في عزمه على بيعة ابنه يزيد! وهو يتخوّف نفرة الناس من ذلك! ذلك أنّ يزيد صاحب رسلة وتهاون ، مع ما قد أولع به من الصيد! فما تقول؟
فقال : أنا ألقى عنك يزيد سرّا عن أبيه معاوية فأخبره عنك أن أباه معاوية كتب إليك يستشيرك في بيعته ، وأنك تخاف خلاف الناس ، لهنات ينقمونها عليه ، وأنك ترى له ترك ما ينقم عليه ، فتستحكم له الحجة على الناس ، ثمّ شخص وفعل ما قاله (١).
موت المغيرة وزياد على العراقين :
لعلّه لم يمرّ على عودة وفد المغيرة عهد بعيد حتّى لحقهم الطاعون بالكوفة ، فهرب المغيرة من الطاعون وخفّ الطاعون فعاد إليها فاصيب بها ومات في سنة تسع وأربعين (٢) في شهر شعبان (٣) وكان رجلا طوالا أعور أصيبت عينه في اليرموك ، مات وهو ابن سبعين سنة. فكتب معاوية إلى زياد بعهده على الكوفة مع البصرة ، وكان سمرة بن جندب الأنصاري بعد زيارته معاوية وتأويله له الآيتين من سورة البقرة بشأن أمير المؤمنين علي عليهالسلام وقاتله ابن ملجم بالتحريف ، كان قد قدم البصرة ، فاستخلفه زياد عليها وشخص بأهله إلى الكوفة ، فأقام بها إلى آخر تلك السنة ستة أشهر ، ثمّ أخذ يختلف بينها وبين البصرة كل ستة أشهر (٤).
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٢٠٢ عن المدائني البصري باختصار.
(٢) تاريخ الطبري ٥ : ٢٣٣ ، ومروج الذهب ٣ : ٢٤ ، وهذا التاريخ أوفق مع سائر الحوادث التالية.
(٣) تاريخ خليفة : ١٢٨ ، والطبري ٥ : ٢٣٤.
(٤) تاريخ الطبري ٥ : ٢٣٤ ـ ٢٣٥.