وقام الشاميون ولهم زجل وركبوا خيولهم ورجعوا ، وأبلغوا معاوية ما كان بينهم فقال : هلكت العرب! إن حرّكتهم خفّة (هذا) العبد الأسود! يعني عمّارا (١).
وقال ذو الكلاع لعمرو : ويحك فما هذا (الحديث)؟! فقال عمرو : إنه سيفارق أبا تراب ويرجع إلينا (٢) ويقنع بذلك ذو الكلاع ويقلع حتّى قتل عمّار رضى الله عنه.
ومن حمير اليمن أهل جرش ، وكان سيّدهم عبد الله بن سويد قد بلغه خبر جمع ذي الكلاع بين الرجلين عمرو وعمّار ، فمشى إلى ذي الكلاع وسأله : لم جمع بين الرجلين؟ قال : لحديث سمعه من عمرو ذكر أنه سمعه من رسول الله يقول لعمار : «تقتلك الفئة الباغية» وأخبره الخبر ، فحدّث به ، فسمعه عبد الله بن عمر العنسي (من عشيرة عمار) وكان من عبّاد أهل زمانه ، فخرج ليلا حتى أصبح في عسكر علي عليهالسلام وحدّثهم بالحديث.
فلما سمع معاوية بذلك بعث إلى عمرو فقال له : أفسدت عليّ أهل الشام! أكلّ ما سمعته من رسول الله تقوله؟! فقال عمرو : لقد رويت أنت فيه مثل الذي رويت فيه (وإلّا) فاسأل أهل الشام! قلتها وعمّار يومئذ (على عهد عمر) لي ولك ، قلتها ولست والله أعلم الغيب أن ستكون صفين (٣).
لواء عمرو وموقف علي عليهالسلام وعمار :
وكأنّ ابن العاص رأى أنّ الموقف بخلاف راية الهدى عمّار ، بحاجة إلى تشبّث من قبلهم بشيء عن النبيّ صلىاللهعليهوآله وكان بعد إسلامه بعد الحديبية في غزوة مع النبي صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) وقعة صفين : ٣٣٢ ـ ٣٣٩.
(٢) وقعة صفين : ٣٤١.
(٣) وقعة صفين : ٣٤٣ ـ ٣٤٥.