فبعث إليه الإمام شريح بن هانئ الهمداني في سبعمائة ، فحمل الخوارج الموالي بقيادة العرب عليهم فهزموهم إلى قرية قربهم وتراجع نصف أصحابه إلى الكوفة.
فقدّم الإمام بين يديه جارية بن قدامة السعدي التميمي فدعاهم ووعظهم فلم يجد فيهم ، ولحقهم الإمام بنفسه ودعاهم وحذّرهم فلم ينفعهم ، فقاتلهم فقتلهم وفلّ جمعهم حتّى لم يبق منهم سوى خمسين رجلا استأمنوه فآمنهم. وبقي منهم أربعون جرحى فأذن لأصحابهم الباقين المستأمنين أن يدخلوهم الكوفة ويداووهم (١).
وخرج الناجي هالكا :
مرّ الخبر عن الخرّيت بن راشد الناجي من بني ناجية ، أنّه ناجى الإمام عليهالسلام بعزم قوم من أهل الكوفة على أن يفارقوه ، ومرّة أخرى بأنّه سمع الطائي والراسبي رأس الخوارج يذكرونه بسوء القول وأنّ الإمام ردّه ولم يسمع له.
ومقتضى هذا أنّه كان عند خروج خوارج النهروان مع الإمام عليهالسلام لم يفارقه بعد ، ولكنّه بعد ذلك جمع جمعا من قومه بني ناجية فناجاهم بسوء القول في الإمام عليهالسلام ثمّ خرج بهم ـ وهم ثلاثون رجلا ـ يمشي بينهم حتّى وقف بين يدي الإمام عليهالسلام وقال له :
والله لا أطع أمرك ولا اصلّي خلفك ، وإنّي غدا لمفارقك! فقال له الإمام عليهالسلام :
ثكلتك أمّك! إذا تنقض عهدك وتعصي ربّك ولا تضرّ إلّا نفسك ، أخبرني لم تفعل ذلك؟
قال : لأنّك حكّمت في الكتاب! وضعفت عن الحقّ إذ جدّ الجدّ! وركنت إلى القوم الذين ظلموا أنفسهم ، فأنا عليك رادّ ، وعليهم ناقم ، ولكم جميعا مباين! فقال له الإمام عليهالسلام :
__________________
(١) أنساب الأشراف ٣ : ٢٣٩ ـ ٢٤٨.