وأسبغ عليكم من نعمه : ما لا يحصى ذكره ولا يؤدّى شكره ، ولا يبلغه قول ولا صفة ... وإنّه منّ علينا بما هو أهله أن نشكر فيه آلاءه ونعماءه وبلاءه ، قولا يصعد إلى الله فيه الرضا ، وتنتشر فيه عارفة الصدق ، يصدّق الله فيه قولنا فنستوجب المزيد من ربّنا ، قولا يزيد ولا يبيد.
ونحن إنما غضبنا لله (ثم) لكم ... وإنه لم يجتمع قوم قطّ على أمر واحد إلّا اشتدّ أمرهم واستحكمت عقدتهم ، فاحتشدوا في قتال عدوّكم : معاوية وجنوده فإنّه قد حضر ، ولا تخاذلوا فإنّ الخذلان يقطّع نياط القلوب ، وإنّ الإقدام على الأسنّة نجدة وعصمة ، فإنّه لم يمتنع قوم قطّ إلّا دفع الله عنهم العلّة ، وكفاهم جوانح الذلّة ، وهداهم إلى معالم الملّة.
ثمّ قام الحسين بن علي على المنبر خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثمّ قال : يا أهل الكوفة! أنتم الأحبّة الكرماء ، والشعار دون الدّثار. جدّوا في إحياء ما دثر بينكم وإسهال ما توعّر عليكم.
ألا إنّ الحرب شرّها ذريع ، وطعمها فضيع ، وهي جرع متحسّاة ، فمن أخذ لها أهبتها واستعدّ لها عدّتها ، ولم يألم كلومها عند حلولها ، فذاك صاحبها ، ومن عاجلها قبل أوان فرصتها واستبصار سعيه فيها ، فذاك قمن أن لا ينفع قومه ويهلك نفسه! نسأل الله بعونه أن يدعمكم بألفته. ثمّ نزل (١).
بعض ردود الفعل :
وقام الإمام عليهالسلام فنادى : سيروا إلى أعداء السنن والقرآن ، سيروا إلى بقية الأحزاب : قتلة المهاجرين والأنصار!
__________________
(١) وقعة صفين : ١١٢ ـ ١١٥.