فجاءهم جوابهم : «أما بعد ، فقد بلغنا كتابكم وفهمنا ما ذكرتم ، وقد وهبنا لكم الرأي الذي جمعكم الله عليه من الطاعة وإخلاص الحكم لله ، وإعمالكم أنفسكم فيما يجمع الله به كلمتكم! وقد أجمعنا على المسير إليكم عاجلا».
وكانوا قد اجتمعوا في منزل حرقوص ليلة الخميس (الثامن من شهر شوال) فقال بعضهم : نخرج الليلة القابلة : ليلة الجمعة ، فقال لهم حرقوص : بل أقيموا ليلة الجمعة تتعبدون لربكم وتوصون فيها بوصاياكم ، ثمّ اخرجوا ليلة السبت مثنى ووحدانا لا يشعر بكم (١).
وأرسل عديّ الطائي إلى سعد بن مسعود الثقفي عامل علي عليهالسلام على المدائن يحذّره منهم ، فاستخلف بها ابن أخيه المختار بن أبي عبيد الثقفي وأمره بحراسة أبواب المدائن ، وسار هو في خمسمائة فارس في طلبهم ، وعلم بخبره عبد الله الراسبي فسار على بغداد ، ولحقهم سعد بن مسعود عند المساء فاقتتلوا ساعة ثمّ تمانعوا منهم ، فلما جنّ عليهم الليل عبر الراسبي دجلة إلى أرض جوخى ثمّ إلى النهروان فوصل إلى أصحابه ، وردّ أهل الكوفة جماعة منهم كرها (٢). وبعث الإمام إليهم : أن سيروا إلى حيث شئتم ولا تفسدوا في الأرض فإني غير هائجكم ما لم تحدثوا حدثا (٣).
ولحقهم خوارج البصرة :
وكأن كتاب الراسبي من الكوفة كان إلى مسعر بن فدكيّ التميمي البصري ، وجمعهم الرجل خمسمائة فارس ، وجعل لهم مقدمة جعل عليهم الأشرس بن عوف
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ : ١٤٢ ـ ١٤٣.
(٢) تاريخ الطبري ٥ : ٧٦ عن أبي مخنف.
(٣) أنساب الأشراف ٢ : ٣٦٧ عن أبي مجلز ، فلم يتبعهم ولم يمنعهم.