لمعاوية وبني أمية في أمر يزيد ، فأجابه جماعة منهم إلى ذلك ، فأوفد منهم وفدا : عشرة مع ابنه الآخر موسى ، وأعطاهم ثلاثين ألف درهم لكلّ واحد منهم ثلاثة آلاف! أو أربعين رجلا مع ابنه الآخر عروة بأربعمائة دينار لكلّ واحد منهم عشرة دنانير!
فلما دخلوا على معاوية قالوا له : إنهم إنما شخصوا إليه للنظر في أمر أمة محمّد صلىاللهعليهوآله! ثمّ قالوا له :
يا أمير المؤمنين! لقد كبر عمرك وخفنا انتشار الحبل ، فانصب لنا علما وحدّ لنا حدّا ننتهي إليه!
فقال لهم : أشيروا علي! فقالوا : نشير عليك بابنك يزيد! فقال لهم : أو قد رضيتموه! قالوا : نعم! قال : وهذا رأيكم؟ قالوا : نعم ومن معنا من ورائنا! فقال لهم : ننظر ما قدمتم له ويقضي الله ما أراد! والأناة خير من العجلة! فكونوا على رأيكم ولكن لا تعجلوا بإظهاره!
ثم سأل موسى سرّا : بكم اشترى أبوك من هؤلاء دينهم؟ قال : بثلاثين ألف درهم! أو قال ذلك لعروة فقال : بأربعمائة دينار! فقال : لقد هان عليهم دينهم! أو : لقد وجد دينهم رخيصا عندهم (١)!
وإنّ رخص دين هؤلاء العراقيين الكوفيّين الأمويين وهوان دينهم عليهم وإذعانهم لولاية عهد يزيد ، أطمع معاوية في البصريّين العثمانيين ولعلهم كانوا أولى بذلك ، والمغيرة كان قد أغرى معاوية في ذلك بزياد وهو أولى بذلك إذ أصبح عمّ يزيد! ومع ذلك اكتفى معاوية في كتابه إلى زياد باستشارته في ذلك! بدون أن يخبره بما فعل المغيرة ووفده ، فكتب زياد إليه يشير عليه بالتوئدة وأن لا يعجل في ذلك ، وقبل منه معاوية فكفّ عنه بعض الشيء.
__________________
(١) الكامل لابن الأثير ٣ : ٢١٤ ـ ٢١٥ ، وانظر الغدير ١٠ : ٢٢٩ ـ ٢٣٠. ولم يذكره الطبري.