يا أمير المؤمنين أصلحك الله ، إنّما كان ينبغي أن يكون مكان كل رجل من هؤلاء الذين بعثتهم في طلبهم عشرة من المسلمين ، فإذا لحقوهم استأصلوا شأفتهم وقطعوا دابرهم ، فأمّا أن يلقاهم أعدادهم فلعمري ليصبرنّ لهم ، فإنّهم قوم عرب ، والعدّة منهم تصبر للعدّة وتنتصف منها فيقاتلون كلّ القتال!
فقال له أمير المؤمنين : يا معقل فجهّز أنت لهم ، فانتدب معه من أهل الكوفة ألفان وكتب إلى زياد بن خصفة :
أمّا بعد ، فقد بلغني كتابك وفهمت ما ذكرت به الناجي وأصحابه الذين طبع الله على قلوبهم ، وزيّن لهم الشيطان أعمالهم ، فهم حيارى عمون ، يحسبون أنّهم يحسنون صنعا ، ووصفت ما بلغ بك وبهم الأمر ، فأمّا أنت وأصحابك فلله سعيكم وعليه جزاؤكم ، فأيسر ثواب الله للمؤمن خير له من الدنيا التي يقبل الجاهلون بأنفسهم عليها ، فما عندكم ينفد وما عند الله باق ، ولنجزينّ الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون. وأمّا عدوكم الذين لقيتموهم فحسبهم بخروجهم من الهدى وارتكاسهم في الضلال وردّهم الحقّ وجماحهم في التّيه ، فذرهم وما يفترون ودعهم في طغيانهم يعمهون ، فأسمع بهم وأبصر ، فكأنّك بهم عن قليل بين أسير وقتيل. فأقبل إلينا أنت وأصحابك مأجورين ، فقد أطعتم وسمعتم وأحسنتم البلاء ، والسلام (١).
قتال خوارج بني ناجية في رامهرمز :
فلمّا أراد معقل بن قيس الرياحي التميمي الخروج بالألفين معه لقتال الخرّيت بن راشد الناجي أتى إلى الإمام عليهالسلام ليودّعه فقال له الإمام : يا معقل ،
__________________
(١) الغارات ١ : ٣٤٢ ـ ٣٥٠ عن عبد الله بن وال ، وعنه في الطبري ٥ : ١١٨ ـ ١٢١.