وعمّال أرض الجزيرة :
كانت تطلق الجزيرة على الأراضي فيما بين الرافدين : دجلة والفرات في أعاليها من الشام وشمال العراق ، فكان منها : حرّان والرّقة والرها وقرقيسيا من الشام في سلطان معاوية ، وكان قد بعث عليها الضحّاك بن قيس الفهري. وكان منها : آمد ودارا وسنجار وعانة وهيت ونصيبين والموصل خارجة عن سلطة معاوية ، فبعث الإمام عليهالسلام عليها الأشتر ، فخرج الأشتر واتّجه إلى قتال الضحّاك في حرّان ، وبلغ الضحاك ذلك فاستمد من أهل الرقة فأمدّوه وعليهم سماك بن مخرمة ، فالتقوا في مرج مرينا بين الرقة وحرّان ، فقاتلوا حتى المساء ، ثمّ سار الضحاك بأصحابه ليلا حتى تحصنوا في حرّان صباحا ، فحاصرهم الأشتر ، وبلغ ذلك إلى معاوية فأرسل إليهم عبد الرحمن بن خالد بن الوليد في خيل يمدّهم ، وبلغ ذلك الأشتر فمضى إلى الرقّة فتحرّزوا منه ، ثمّ مرّ إلى قرقيسيا فتحرّزوا منه (١) فانصرف الأشتر إلى الموصل وقد علم بمدى نفوذ معاوية ومن معه ، ولكنه كأنّه عاد إلى بلاده الكوفة قبل صفين.
إرسال جرير إلى معاوية :
لما نزل جرير البجلي الكوفة وأراد الإمام أن يبعث رسولا إلى معاوية وعلم جرير بذلك ، جاء إلى الإمام وقال له : ابعثني إلى معاوية ، فإنه لم يزل لي مستنصحا وودّا ، فآتيه فأدعوه على أن يسلّم لك هذا الأمر ويجامعك على الحق ـ على أن يكون أميرا من أمرائك وعاملا من عمّالك ما عمل لطاعة الله واتّبع ما في كتاب الله ـ وأدعو أهل الشام إلى طاعتك وولايتك ، وجلّهم قومي وأهل بلادي (اليمن) وقد رجوت أن لا يعصوني.
__________________
(١) وقعة صفين : ١٢ ، ١٣.