دمائهم بأكثر ممّا أنت لاقيه به ، فادخل في السلم والطاعة ، ولا تنازع الأمر أهله ومن هو أحقّ به منك ، ليطفئ الله النائرة بذلك ، وتجمع الكلمة وتصلح ذات البين ، وإن أنت أبيت إلّا التمادي في غيّك ، نهدت إليك بالمسلمين فحاكمتك ، حتّى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين» وبعث بالكتاب إليه مع جندب بن عبد الله الأزدي (١) والحارث بن سويد التيمي ، فقدما على معاوية وسلّماه الكتاب ودعواه إلى بيعة الحسن عليهالسلام فلم يجبهما ، بل كتب في جوابه (٢).
جواب معاوية :
«من عبد الله (معاوية) أمير المؤمنين (!) إلى الحسن بن علي. سلام عليك ، فإنّي أحمد إليك الله الذي لا إله إلّا هو. أما بعد ، فقد بلغني كتابك وفهمت ما ذكرت به رسول الله صلىاللهعليهوآله من الفضل ، وهو أحقّ الأولين والآخرين بالفضل كلّه قديمه وحديثه وصغيره وكبيره ، فقد والله بلّغ فأدّى ، ونصح وهدى ، حتّى أنقذ الله به من التهلكة ، وأنار به من العمى وهدى به من الضلالة ، فجزاه الله أفضل ما جزى نبيّا عن أمّته ، وصلوات الله عليه يوم ولد ويوم قبض ويوم يبعث حيا.
وذكرت وفاة النبي صلىاللهعليهوآله وتنازع المسلمين من بعده ، فرأيتك صرّحت بتهمة أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وأبي عبيدة الأمين وحواريّ الرسول صلىاللهعليهوآله (٣) وصلحاء المهاجرين والأنصار! فكرهت ذلك لك! فإنك امرؤ عندنا وعند الناس غير ظنين! ولا المسيء ولا اللئيم! وأنا أحب لك القول السديد والذكر الجميل.
__________________
(١) مقاتل الطالبيين : ٣٤ ـ ٣٦ عن أبي مخنف عن جندب الأزدي ، وهو أكمل نقل.
(٢) شرح النهج للمعتزلي ١٦ : ٢٤ ـ ٢٥ عن المدائني.
(٣) هذه من البوادر الأولى لإشهار هؤلاء الثلاثة بهذه الألقاب والتأكيد عليها.