ووثب بسر على بني زياد : عبيد الله وسالم ومحمد فأوقفهم (١) وكتب بسر إلى زياد : أن أقدم عليّ وإلّا قتلت ولدك!
فكتب زياد إليه : والله لا امكّنك من نفسي ولو قتلت ولدي صبية لا ذنب لهم ، فأبعد لا والله.
فخرج عمّهم أبو بكرة الثقفي من البصرة إلى الكوفة إلى معاوية على برذون له في ثلاثة أيام ، حتّى قدم على معاوية فدخل عليه (٢) وقال له :
السلام عليك يا أمير الفاسقين ولا رحمة الله ولا بركاته! اتّق الله يا معاوية ، واعلم أنك في كلّ يوم يزول عنك وليلة تأتي عليك ، لا تزداد من الدنيا إلّا بعدا ومن الآخرة إلّا قربا ، وعلى إثرك طالب لا تفوته قد نصب لك علما لا تجوزه ، فما أسرع ما تبلغ العلم ، وما أوشك ما يلحقك الطالب ، إنّ ما نحن وأنت فيه زائل ، وإن الذي نحن إليه صائرون باق ، إن خير وإن شرّ ، فنسأل الله الخير ونعوذ به من الشرّ ، سكت وجلس لا يتكلم.
فقال له معاوية : يا أبا بكرة ، أزيارتنا أشخصتك أم حاجة حدثت لك؟
قال : لا والله لا أقول باطلا ، ولكنّها حاجة بدت لي قبلك.
__________________
ـ عن الفرس بالحمر فقال عن نفسه : أحمر. وكأنّه خفي هذا الخبر عن بعضهم فقرءوه : أحمز وفسروه بالأشدّ! كما في الطبري (٥ : ١٧٠) خلافا لنصّ نصر بن مزاحم وكان الحارث كاتبا فلعل زيادا استزادها منه ، وكان في ثقيف ولعلّه لمعرفته بشيء من أمور العجم استكتبه المغيرة الثقفي في البصرة ، فلم يشهد عليه بالزنا حتّى ضرب إخوته الثلاثة حدّ القذف!
(١) الغارات ٢ : ٦٤٨.
(٢) الغارات ٢ : ٦٥١ ـ ٦٥٢.