فقال عبد الرحمن بن عمرو المعروف بملجم الحميري التجوبي المرادي حلفا : أنا أكفيكم أمر عليّ! وقال البرك وهو الحجّاج بن عبد الله الصريمي : أنا اقتل معاوية ، وكان معهم من بني حارثة بن كعب مولاهم الفارسي زادويه أو دادويه وقد تسمّى عربيا عمرو بن بكر ، فقال : والله ما عمرو بن العاص بدونهما فأنا له ، فتعاقدوا على ذلك.
ثمّ مكثوا متجاورين بمكة حتّى اعتمروا عمرة رجب سنة أربعين ، ثمّ اتّفقوا على يوم واحد يكون فيه وقوع القتل منهم في علي عليهالسلام ومعاوية وابن العاص ، ثمّ سار كلّ واحد منهم في طريقه (١).
والبرك : هو الذي لمّا ضرب معاوية وأخذ قال لمعاوية : إنّ لك عندي بشارة! قال : وما هي؟ فأخبره بخبره وخبر صاحبيه التميمي والمرادي وأنّه الذي قال لنا : إنّه سيكفينا عليّا في هذه الليلة فاحبسني عندك فإن قتل فأنت وليّ ما تراه في أمري وإن لم يقتل أعطيتك العهود والمواثيق أن أمضي فأقتله ، ثمّ أعود إليك فأضع يدي في يدك حتّى تحكم فيّ بما تراه! فحبسه حتّى يأتيه خبر علي عليهالسلام.
وكانت ضربته لمعاوية مستعجلة وكان معاوية ضخم البطن والعجز فوقعت ضربته على أليته ففلقتها. وجاء الطبيب الساعدي فنظر إلى الضربة وقال : إنّ السيف مسموم! فاختر إمّا أن أحمى لك حديدة فأجعلها في الضربة فتبرأ ، وإمّا أن أسقيك دواء فتبرأ وينقطع نسلك! فقال معاوية : أمّا النار فلا أطيقها!
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ : ١٥٩ ، وأنساب الأشراف ٢ : ٣٨٩ ، الحديث ٥٤٨ وانفرد هذان بهذا النقل المشتمل على تعليل قتل الإمام بمنازعة معاوية إيّاه على إمارة موسم الحجّ وتجرّد عن ذكره سائرهم ، وبناء عليه قال ابن عبّاد : أأحبّ من قتل الوصيّ وتالييه علانية؟! كما في ترجمة الصاحب بن عبّاد في يتيمة الدهر للثعالبي.