فقال لهم : وهل فرغتم أو فزعتم لهذا وهذه مصر قد افتتحت وشيعتي بها قد قتلت؟ فأنا مخرج لكم كتابا أخبركم فيه عمّا سألتم ، فاقرءوه على شيعتي وكونوا أعوانا على الحقّ. ثمّ أخرج لهم كتابا هذه نسخته :
بسم الله الرحمنِ الرحیم ، من عبد الله أمير المؤمنين إلى من قرأ كتابي هذا من المؤمنين والمسلمين ، السلام عليكم فإنّي أحمد الله الذي لا إله إلّا هو.
أمّا بعد ، فإنّ الله بعث محمدا صلىاللهعليهوآله نذيرا للعالمين ، وأمينا على التنزيل وشهيدا على هذه الأمة ، وأنتم ـ يا معشر العرب ـ يومئذ على شرّ دين وفي شرّ دار ، منيخون بين حجارة خشن وحيّات صمّ ، وشوك مبثوث في البلاد ، تشربون الماء الخبيث ، وتأكلون الطعام الجشيب ، وتسفكون دماءكم وتقتلون أولادكم ، وتقطّعون أرحامكم ، وتأكلون أموالكم بالباطل ، سبلكم خائفة ، والأصنام فيكم منصوبة والآثام بكم معصوبة (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ)(١).
فمنّ الله عليكم بمحمد صلىاللهعليهوآله فبعثه إليكم رسولا من أنفسكم ، وقال فيما أنزل من كتابه : (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)(٢) وقال : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ)(٣) وقال : (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ)(٤) وقال : (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)(٥).
__________________
(١) يوسف : ١٠٦.
(٢) الجمعة : ٢.
(٣) التوبة : ١٢٨.
(٤) آل عمران : ١٦٤.
(٥) الجمعة : ٤.