فلما بلغه كتاب معاوية استشار اليمنيّين معه فاختلفوا عليه ... وأبى شرحبيل إلّا أن يسير إلى معاوية. فلما قدم الشام استقبله اولئك فأعظموه.
ودخل على معاوية فحمد الله معاوية وأثنى عليه ثمّ قال له : يا شرحبيل ، إن جرير بن عبد الله يدعونا إلى بيعة عليّ ، وعليّ خير الناس! لو لا أنه قتل عثمان بن عفّان! وقد حبست نفسي عليك! وإنما أنا رجل من أهل الشام أرضى ما رضوا وأكره ما كرهوا! فقال شرحبيل : أنظر.
ثم خرج ليرى ما يقول الناس فلقيه اولئك النفر وأخبروه : أن عليا قتل عثمان!
فرجع إلى معاوية وقال له : يا معاوية ؛ أبى الناس إلّا أنّ عليا قتل عثمان! فو الله لئن بايعت له لنخرجنّك من الشام أو لنقتلنّك!
قال معاوية : ما أنا إلّا رجل من أهل الشام وما كنت لا خالفكم!
قال : إذا فردّ هذا الرجل إلى صاحبه. وخرج من عنده.
ثم بدا له أن يواجه البجليّ بنفسه فذهب إلى الحصين بن نمير التميمي ـ وكان في الشام ـ فقال له : ابعث إلى جرير فليأتنا. فبعث إليه الحصين فاجتمع إليه ، فقال له شرحبيل : يا جرير ؛ أتيتنا بأمر ملفّق (يقصد ولاية علي عليهالسلام) وأطريت قاتل عثمان!
فقال له جرير : يا شرحبيل ، أما قولك إني جئت بأمر ملفق! فكيف يكون أمرا ملفّقا وقد اجتمع عليه المهاجرون والأنصار ، وقوتل طلحة والزبير على ردّهما له؟! وأما قولك إن عليّا قتل عثمان! فو الله ما عندك إلّا القذف بالغيب من مكان بعيد ، ولكنّك ملت إلى الدنيا (١)!
__________________
(١) وقعة صفين : ٤٤ ـ ٤٧ وفي أوّله : أنه بعث رجلا إلى محمد بن أبي حذيفة فأدركه فقتله! في حين أن الرجل يومئذ كان في فسطاط مصر حرّا سليما ، ولم يقل أحد بقتله في مصر ، بل قتل بعد هذا الخبر.