التنزيهية المؤكدة غير بعيد ، فمجرد كون الحكم المعلل غير إلزامي لا يكفى شاهدا للحكم بعدم تذييله بهذه العلة المشتملة علي حكم إلزامي فتدبر.
واما حديث الشفعة فلا مانع من ورود لا ضرر فيه بعنوان حكمة الحكم والقول بأن الحكمة لا بد أن تكون امرا غالبيا ، وليس الضرر الحاصل بترك الأخذ بالشفعة ولزوم بيع الشريك على شريكه كذلك ممنوع بعدم الدليل على لزوم كونها امرا غالبيا بل يكفى كونها كثير الوقوع ، وان لم يكن غالبيا بل لا يبعد كفاية عدم كونها نادرا ، الا ترى انه قد ورد في غير مورد من المناهي انه يورث الجنون أو البرص أو أمثال ذلك ، مع ان هذه اللوازم ليست دائمية بل ولا غالبية.
وأضعف منه القول بان الضرر الناشي من ترك الشفعة اتفاقي نادر الوقوع ـ كما يظهر من بعض كلمات المحقق النائيني في رسالته الميل إليه ـ فإنه ممنوع جدا لما نشاهد من حال الناس وعدم رضائهم بأي شريك بل الذين يرضونهم للشركة أقل بمراتب بالنسبة الى من لا يرضونه. ولا شك لمن لا حظ حال الشركاء في المساكن والأرضين وغيرها انه لو لا حكم الشفعة وجاز للشريك بيع حصته ممن شاء عمن دون رعاية نظر شريكه ، لوقع بين الناس من التشاجر والتنازع والبغضاء وفساد الأموال والأنفس ما لا يخفى. نعم هذا الضرر ليس دائميا حتى يصلح لان يكون علة لهذا الحكم ولكنه يصلح ان يكون حكمة له بلا اشكال.
ولقائل أن يقول : كيف يجعل حكم واحد (مثل لا ضرر) علة في مقام مثل قضية سمرة ؛ وحكمة في مقام آخر كما فيما نحن فيه؟ وقد أشار الى هذا الاشكال المحقق النائيني في رسالته وارتضاه. لكن الإنصاف انه أيضا في غير محله لعدم المانع من ذلك أصلا ، وهل ترى مانعا من جعل حفظ النفوس حكمة في باب القصاص والديات ؛ وعلة في باب وجوب بذل الطعام عند المخمصة لمن لا يجد اليه سبيلا بل قد يكون حكم واحد في قضية واحدة علة من جهة وحكمة من اخرى ، كما نريهم يسرحون بان الإسكار علة لتحريم الخمر ولذا يجوز التعدي عن الخمر إلى سائر المسكرات ؛ مع ما يرى منهم انه من قبيل الحكمة من جهة المقدار والكم ؛ وان «ما أسكر كثيره فقليله حرام»