وان كانت قاعدة مسلمة ثابتة عند الشرع والعقلاء ؛ الا انه لا مانع من تحديدها من بعض النواحي من قبل الشارع المقدس ، لمصالح هامة كما وقع التحديد من ناحية العقلاء في بعض الموارد ، كيف وقد حددها الشارع في مواضع أخر ؛ في مورد الاحتكار والأكل في المخمصة وأمثالهما.
ولا مانع من القول بوجوب بذل فضل الماء هنا كما صار اليه جمع من الفقهاء ، هذا شيخ الطائفة قد أوجب على مالك البئر بذل فضل مائه مجانا حيث قال فيما حكى عن مبسوطه : «ان كل موضع قلنا فيه يملك البئر فإنه أحق بمائها بقدر حاجته لشربه وشرب ماشيته وسقي زرعه ، فاذا فضل بعد ذلك شيء وجب بذله بلا عوض لمن احتاج اليه لشربه وشرب ماشيته ـ الى ان قال ـ اما لسقي زرعه فلا يجب عليه ؛ لكنه يستحب» وذكر في الخلاف نحوه ، وفي المختلف حكايته عن ابن الجنيد وعن الغنية أيضا ، فراجع.
نعم ظاهر المشهور عدم وجوب البذل ولعل الوجه فيه ترددهم في صحة أسانيد الروايات الدالة على هذا الحكم ـ كما حكى عن المسالك ـ أو استنادهم فيه الى عموم السلطنة وغيرها واستبعاد تخصيصها بأمثال هذه الروايات ، واستيفاء البحث عن هذا الحكم موكول الى محله من كتاب «احياء الموات».
والغرض من جميع ما ذكرنا ان القول بحرمة منع فضل الماء مما لا استبعاد فيه ، كما ان انطباق عنوان الضرر على القدر المتيقن من مورد الرواية بالنظر الوسيع العرفي قريب جدا كانطباقه على مورد الاحتكار وشبهه ؛ فاذن لا وجه للقول بان الذيل كان حديثا مستقلا وقع الجمع بينه وبين سائر فقرات الرواية من الراوي ، فانطباق لا ضرر على مورد الرواية قريب بعد ملاحظة ما ذكرنا في توضيحه ، والعجب ان المحقق النائيني قده لم يكتف بما ذكر حتى منع انطباق لا ضرر على مورد الرواية ولو بعنوان حكمة الحكم. مع ما عرفت من ان انطباقه على القدر المتقن من مورد الرواية بعنوان علة الحكم أيضا قريب فضلا عن حكمة الحكم. هذا كله مضافا الى ان التعليل بما يشتمل على حكم إلزامي لتأكيد الا وأمر الاستحبابية أو النواهي