إجمالا فلا وجه للاقتصار على الإنشاء فقط ، وان كان مراده كفاية مجرد الإنشاء ولو لم يصدق عليه عنوان المعاملة فقد عرفت في بيان المختار انه بمعزل عن الحق.
ثالثها ـ ما اختاره المحقق النائيني قدسسره ، وهو من أغرب الأقوال في المسألة ، وحاصلة لزوم إحراز جميع شرائط العوضين والمتعاقدين واختصاص القاعدة بموارد الشك في شرائط العقد فقط ؛ ودليله على هذا التبعيض ان العمدة في إثبات هذه القاعدة هنا هو الإجماع ومعقده هو «الشك في صحة العقد» وظاهر هذا العنوان خصوص الشرائط المعتبرة في العقد نفسه دون غيره مما يعتبر في صحته من صفات المتعاقدين والعوضين.
وفيه أولا ـ ما قد عرفت آنفا من ان حمل العقد الصادر من الغير على الصحة جزئي من جزئيات مسألة حمل فعل الغير على الصحة مطلقا ؛ وانه لم يقم دليل خاص عليه في أبواب المعاملات ، وقد عرفت أيضا ان دعوى الإجماع القولي في أصل المسألة مشكلة فضلا عن حصر الدليل فيه فتدبر. ثمَّ ان لازم ما افاده وجوب التماس دليل آخر لحمل فعل الغير على الصحة في أبواب العبادات وشبهها فيكون هناك قاعدتان مستقلتان إحداهما في أبواب المعاملات والأخرى في غيرها ، وربما يلوح من بعض كلماته قدسسره في المقام التزامه بهذا اللازم ، وهو عجيب ، حيث انه لا شك في أنها قاعدة واحدة مستندة الى دليل أو أدلة معلومة جارية في جميع أبواب الفقه من غير فرق بين أبواب العقود وغيرها ؛ ولم أقف على احتمال التفكيك بينهما في كلام غيره
ثانيا ـ سلمنا انحصار مورد القاعدة ومعقد الإجماع في أبواب المعاملات بالشك في «صحة العقد» ولكن الإنصاف ان المراد من صحة العقد ـ بظاهرها ـ هو صحته بمعنى ترتيب جميع آثاره الشرعية عليه من النقل والانتقال وغيرهما لا صحة العقد الإنشائي فقط ؛ ومن الواضح ان صحة العقد بهذا المعنى تتوقف على ضم سائر الشرائط المعتبرة في العوضين والمتعاقدين إلى شرائط الإنشاء ولا يكفى فيها مجرد إحراز شرائط الصيغة فإذن لا يبقى مجال لهذا التفصيل.
ثالثها ـ انه لا يظن بأحد الالتزام بهذا التفصيل عملا في الفقه في مختلف