قال الأستاذ الإمام (ره) في هذا المجال ما لفظه :
«ولا يبعد أن يكون مراد الشيخ من كون فعل الشخص سببا للحرام وقوّة السبب وضعف المباشر ما أشرنا إليه من أنّ الفعل المجهول بقي على مبغوضيّته ، ومعه لا يجوز التسبيب إلى ارتكاب الجاهل ، وأنّ وجود المبغوض مستند إلى السبب بنحو أقوى ، وليس مراده صدق آكل النجس وشاربه على السبب حتى يستشكل عليه بأن عنوان المحرّم إذا كان اختيار مباشرة الفعل كما هو ظاهر أدلة المحرّمات لا ينسب إلى السبب بل ولا إلى العلّة التامّة ، فمن أوجر الخمر في حلق الغير قهرا لا يصدق عليه أنّه شرب الخمر ، بل في مثله لا يتحقّق عنوان المحرّم رأسا فإنّ الشارب غير مختار ، والعلّة غير شارب.» (١)
ما ذكرنا إلى الآن كان فيما إذا صدر عن غير المباشر عمل وجودي من التسبيب والإغراء ونحوهما.
٧ ـ وأمّا إذا لم يكن منه الا السّكوت في قبال عمل المباشر فإمّا أن يكون مع علم المباشر بحرمة فعله ، وإمّا أن يكون مع جهل يعذر فيه ، ثمّ الجهل إمّا أن يكون بالحكم الكلي أو بالموضوع الخارجي. والمحرّم إمّا أن يكون من الأمور المهمّة وإمّا أن يكون من المحرّمات العادية.
أمّا مع علم المباشر بالحرمة الفعليّة فقد مرّ عدم جواز السكوت في قباله لوجوب النهي عن المنكر بشرائطه. وكذا مع الجهل بالحكم الكلي لوجوب إرشاد الجاهل وتبليغ الأحكام كما مرّ.
وأمّا مع الجهل بالموضوع ففي الأمور المهمّة يجب الإعلام بل الردع إن لم يرتدع بمجرد الإعلام كما في المتن ويظهر من المصنّف حصرها في الثلاثة ، أعني الدماء والفروج والأموال ، مع أنّ المصالح العامّة كحفظ نظام المسلمين وكيانهم مثلا من أهم المسائل التي يجب رعايتها بأيّ نحو كان.
__________________
(١) المكاسب المحرّمة للإمام الخميني ، ج ١ ، ص ٩٧ (ط. الجديدة ، ج ١ ، ص ١٤٥). والمستشكل هو المحقّق الشيرازي في حاشيته على المكاسب ، ص ٢١ و٢٢.