الراوي معتقدا للحقّ ، مستبصرا ثقة في دينه ، متحرّجا من الكذب غير متّهم فيما يرويه.
فأمّا إذا كان مخالفا في الاعتقاد لأصل المذهب وروى مع ذلك عن الأئمة عليهمالسلام نظر فيما يرويه. فإن كان هناك من طرق الموثوق بهم ما يخالفه ، وجب اطراح خبره. وإن لم يكن هناك ما يوجب اطراح خبره ويكون هناك ما يوافقه وجب العمل به. وإن لم يكن هناك من الفرقة المحقّة خبر يوافق ذلك ولا يخالفه ، ولا يعرف لهم قول فيه ، وجب أيضا العمل به ، لما روي عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : «إذا أنزلت بكم حادثة لا تجدون حكمها فيما روي عنّا فانظروا إلى ما رووه عن عليّ عليهالسلام فاعملوا به.»
ولأجل ما قلناه عملت الطائفة بما رواه حفص بن غياث وغياث بن كلّوب ونوح بن درّاج والسّكوني وغيرهم من العامّة عن أئمّتنا عليهمالسلام فيما لم ينكروه ولم يكن عندهم خلافه.» (١)
أقول : لا يخفى أنّ نوح بن درّاج ، أخا جميل بن درّاج كان من الشيعة ـ على ما قالوا ـ ولكنّه كان يخفى أمره لكونه قاضيا من قبل الخلفاء. والظاهر أنّ عمل الأصحاب بأخبار هؤلاء المذكورين كان من جهة الوثوق بصدقهم وإن كانوا من أهل الخلاف.
ولكن سمرة ـ مضافا إلى فسقه وعداوته لعليّ عليهالسلام وأهل بيته ـ كان ممّن يضع الحديث أيضا فقد روى ابن أبي الحديد عن أبي جعفر الإسكافي ما ملخّصه :
«إنّ معاوية بذل لسمرة بن جندب مأئة ألف درهم على أن يروي أنّ قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ.)(٢) نزل في عليّ عليهالسلام وأنّ قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ)(٣) نزل في ابن الملجم الملعون فلم يقبل منه ، فبذل مأتي ألف
__________________
(١) العدّة ، ج ١ ، ص ٣٧٩ ، في التعادل والتراجيح.
(٢) سورة البقرة (٢) ، الآية ٢٠٤.
(٣) سورة البقرة (٢) ، الآية ٢٠٧.