«وممّا يبعّد كونه تأليفه عليهالسلام عدم إشارة أحد من علمائنا السلف إليه في شيء من المصنّفات التي بلغت إلينا ، مع ما يري من خوضهم في جمع الأخبار وتوغّلهم في ضبط الآثار المرويّة عن الأئمة الأطهار عليهمالسلام. بل العادة قاضية بأنّه لو ثبت عندهم مثل هذا الكتاب لاشتهر بينهم غاية الاشتهار ولرجّحوا العمل به على العمل بسائر الأصول والأخبار لما يتطرّق إليها من احتمال سهو الراوي أو نسيانه أو قصوره في فهم المراد أو في تأدية المفهوم أو تقصيره أو تعمّد الكذب ، لا سيّما مع تعدّد الوسائط ، وسلامة الكتاب المذكور عن ذلك. ولبعد ما فيه عن التقيّة بخلاف غيره. مع أنّ الصدوق قد جمع في كتاب العيون جميع ما وقف عليه من الأخبار والآثار المرويّة عن الرضا عليهالسلام. فلو كان قد عثر على الكتاب المذكور لنقله. ولو منعه عنه طول الكتاب لنبّه على وجوده واكتفى بذكر بعض صفاته. مضافا إلى شواهد أخر في نفس الكتاب يؤكّد الظن بما ذكرناه ...» (١)
وفي المستدرك عن بعض معاصريه ما ملخّصه :
«لو كان هذا الكتاب للإمام عليهالسلام لما كان يخفى على ولده : الأئمة الأربعة بعده. ومن الظاهر أنّهم ما كانوا يخفون أمثال ذلك عن شيعتهم ومواليهم ولا سيّما خواصهم ومعتمديهم ، كما أخبر الأئمة عليهمالسلام بكتاب عليّ وصحيفة فاطمة عليهماالسلام ، ولكانوا يصرّحون به في كثير من أخبارهم ويأمرون الشيعة بالرجوع إليه والأخذ منه ، ولو وقع هذا لاشتهر بين القدماء ولكان يصل إليهم أثر منه. ولما كان يخفى على مشايخنا المحمّدين الثلاثة المصنّفين للكتب الأربعة ولا سيّما الصدوق (ره) المؤلف نحوا من ثلاثمائة مصنّف في الأخبار ومن جملتها عيون أخبار الرضا. ولكان يطلع عليه جملة من فقهاء الشيعة وما كان يبقى في زاوية الخمول فيما يقرب من ألف سنة.» (٢)
هذا كله حول القول بكون الكتاب من إنشاء شخص الإمام الثامن عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام. وقد ظهر لك عدم ثبوت ذلك.
__________________
(١) الفصول ، ص ٣١٢ ، باب حجيّة الأخبار ، فصل حجيّة أخبار غير الكتب الأربعة.
(٢) مستدرك الوسائل ، ج ٣ ، ص ٣٤٦ ، الفائدة الثانية من الخاتمة في شرح حال الكتب ومؤلّفيها.