ومثله قوله سبحانه : ( وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلى الْكَعْبَين ) ، وقوله : ( ثُمَّ أَتِمُوا الصِّيامَ إِلى اللَّيل ) فانّ الغاية لحد الممسوح ، والزمان الذي يمسك فيه.
وأمّا الثاني : فلأنّ رجوع القيد إلى الحكم ليس لأجل حذف المتعلّق ، بل لوجود قرينة خارجية على أنّ الأحكام الشرعية محددة بالضرر ، والحرج والاضطرار ، فكلّ ما اضطرّ إليه ابن آدم فهو مرفوع عنه أي مرفوع حكمه.
وأمّا المثال الثالث فالاحتمالان ـ كما أفا د ـ سواء.
والحاصل : انّ التفريق بين رجوع القيد إلى الحكم أو الموضوع والمتعلّق ، بارتفاع الحكم في الأوّل ، دون الثاني كلام متين ، لكن الإشكال في الضابطة التي يتميّز على ضوئها ما يرجع إلى الحكم عمّا يرجع إلى الموضوع.
وربّما يتصوّر انّ مقتضى القاعدة رجوع الغاية إلى الحكم ، لأنّ أداة الغاية أعني : إلى وحتّى من أدوات الجر والجار والمجرور يتعلّقان بالفعل ، وبهذا اللحاظ تكون الغاية قيداً للحكم بلا واسطة في جميع الموارد.
يلاحظ عليه : بأنّ تعلّق الجار والمجرور بالفعل لا يكون دليلاً على رجوع الغاية إلى الحكم الوارد في القضية ، بل الفعل المتعلّق به الجار أعم من الحكم المستفاد من الهيئة ، وذلك لأنّ الظرف على قسمين مستقر ولغو ، ففي الأوّل يتعلّق بالمعنى الحدثي المقدر مثل : « كائن » و « موجود » ، وفي الثاني يتعلّق بالفعل ، لا مفاد الهيئة ففي سر من البصرة إلى الكوفة ، فالظرف متعلّق بالسير ، لا الوجوب ، فلا ملازمة بين تعلّق الظرف بالفعل ، وكونه قيداً للوجوب كما لا يخفى.