ففي هذه الموارد يكون حكمها حكم الوصف فانّ التقييد بالغاية من إحدى صغريات التقييد بالوصف ، وقد عرفت أنّ التقييد بالوصف ساكت عن وجود الحكم وعدمه.
وأمّا لو كان الوجوب مستفاداً من غير الهيئة كالجملة الفعلية فهي على قسمين : تارة يكون متعلّق الحرمة محذوفاً ، كما في قولك : « يحرم الخمر إلى أن يضطرّ المكلف إليه » فانّ متعلّق الحرمة محذوف وهو شربه أو بيعه أو غير ذلك ، فالغاية فيها باعتبار حذف المتعلّق ، قيد للحكم ، فالحكم مرفوع عند طروء الاضطرار.
وأُخرى يكون مذكوراً كما إذا قال : « يجب الصيام إلى الليل » ففيه وجهان فيحتمل أن تكون الغاية قيداً للوجوب ، وكأنّه قال : « الصيام يجب إلى الليل » كما يحتمله أن تكون قيداً للصيام ، فكأنّه قال : « الصيام إلى الليل يجب » فعلى الأوّل تشتمل القضية على المفهوم دون الآخر. (١)
يلاحظ عليه : بأنّ انتزاع ضابطة كلّية من مورد أو موردين ، غير صحيح ، وذلك لوجود القرينة على رجوع الغاية إلى الموضوع في بعض الأمثلة ، وإلى الحكم في البعض الآخر.
أمّا الأوّل : أعني قوله سبحانه : ( فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلى الْمَرافِقِ ) فلأنّ رجوع الغاية في الآية إلى الموضوع لأجل انّها بصدد بيان حد المغسول ، لا حد الوجوب ، وذلك لأنّ اليد ربّما تطلق ويراد بها أُصول الأصابع ، وأُخرى هي إلى الزند ، وثالثة إلى المرفق ، ورابعة إلى المنكب ، فصارت الآية بصدد بيان ما هو المغسول في الآية وقالت : إلى المرافق ، أي المقصود بها هو العضو إلى نهاية المرافق.
__________________
١. لاحظ أجود التقريرات : ١ / ٤٣٧ ، قسم التعليقة ؛ المحاضرات : ٥ / ١٣٧ ـ ١٣٩.