منبه سأل عمر بن الخطاب : ما بالنا نقصر وقد أُمنا؟ فقال : عجبتُ ممّا عجبتَ منه فسألت رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : صدقة تصدق اللّه بها عليكم فأقبلوا صدقته ، فلو لم يعقل من الشرط نفي الحكم عمّا عداها لم يكن لتعجبهما معنى.
كما أنّ أبا إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروز آبادي الشيرازي ( المتوفّى ٤٧٦ هـ ) مؤلف « التبصرة في أُصول الفقه » استدلّ ببعض هذه الوجوه مثلاً ، قال : روي أنّ ابن عباس خالف الصحابة في توريث الأُخت مع البنت واحتجّ بقوله تعالى : ( إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ) ، وهذا تعلّق بدليل الخطاب. وانّه لما ثبت ميراث الأُخت عند عدم الولد ، دلّ على أنّها عند وجوده لا تستحقه. وهو من فصحاء الصحابة وعلمائهم ، ولم ينكر أحد استدلاله ، فدلّ على أنّ ذلك مقتضى اللغة. (١)
ترى أنّهم يستدلّون بالتبادر تارة ، وبالمقايسة ثانياً ، وليس في كلامهم شيء من بناء العقلاء على أنّ للقيد دخلاً ، كما ليس في كلامهم ما يدلّ على أنّ البحث منعقد على حجّية بناء العقلاء.
نعم كان لسيد مشايخنا المحقّق البروجردي قدسسره اطلاع واسع على كلمات الأُصوليين قدمائهم ومتأخريهم ، ولعلّه وقف على ما لم نقف عليه.
الخامس : النزاع صغروي لا كبروي
إنّ النزاع في باب المفاهيم على مسلك المتأخّرين صغروي ومرجعه إلى دلالة القضية الشرطية الوصفية بالوضع أو الإطلاق على كون الشرط أو الوصف علّة منحصرة للحكم ، وعدم دلالتها ، فلو ثبت الانحصار ، ودلّ على المفهوم ، يكون
__________________
١. التبصرة في أُصول الفقه : ٢١٩.