المفهوم لرجوع التصرّف إلى تفكيك اللازم عن الملزوم.
وبالجملة : يكون دلالة اللفظ بالمقدّمات العقليّة على المدلول التزاميّ أظهر من دلالة العام على العموم حتى يقال : انّ دلالة اللفظ بواسطة العقل أظهر من دلالته على المنطوق وإن كان مدلولا التزاميّا باستقلال العقل لأنه المقصود بالإفادة ، ولا فرق فيما ذكرنا بين أن تكون النسبة بين المفهوم والعام عموما من وجه كما في قولك : «لا تكرم الفسّاق وأكرم خدّام العلماء» بالتعارض إنما هو واجب الإكرام بالمفهوم ، ومجرّد الإكرام بالعموم أو كان المفهوم أخصّ كما إذا قيل : «أكرم خدّام العالم الفاسق».
أما المثال الأول ؛ فالمفهوم في المقام قضيّة لبيّة لا يمكن التصرّف فيها بنفسها بالتخصيص ، وإنما تبع المنطوق فلا بدّ ، اما من التصرّف في المنطوق بالقول بأن قولنا : «أكرم خدّام العلماء» لا يراد منه وجوب إكرام الخدّام باخراجه عن الظاهر بالمرّة ، أو على تقديره ، فلا معنى للمنع من ثبوت الحكم للمفهوم لاستقلال العقل بثبوته للعالم على وجه الأوليّة.
وأما المثال الثاني ؛ فيظهر الوجه في وجوب تقديم المفهوم على العام فيه مما تقدّم مضافا إلى كون أخصّ المطلق.
والحاصل : فلا ذمّ تقديم المفهوم الموافق على العموم كما عرفت بعدم معقوليّة التصرّف فيه بنفسه ، فيدور الأمر بين التصرّف بالعام أو في المنطوق ولا ريب انّ الأول أرجح مضافا إلى ما تقدّم انّ اللفظ مسوق