الوجه الخامس : إمكان الشمول على نحو المجاز بنحو التنزيل والادعاء إذا كان فيه فائدة متعلّق بها أغراض أهل المحاورة وأصحاب المساورة لعلّه المشهورة كما قيل ، والأظهر عندي القول بامكانه على وجه الحقيقة إن أريد من المجاز المبحوث عنه في المقام والمجاز في إرادة الخطاب كما يظهر من جماعة منهم بعض الأجلّة حيث صرّحوا بأنّ الارادة حقيقة في خطاب الموجود الحاضر واستعماله في غير ذلك سواء كان على وجه التغليب كما إذا انضمّ إلى الموجودين غيرهم أو غيره كما إذا اختصّ بغيرهم مجازا إن أريد من المجاز ما هو المعهود مثله في المجاز العقليّ بمعنى انّ التصرّف إنما هو أمر عقليّ من دون سراية إلى اللفظ.
توضيح ذلك :
انّ إرادة الخطاب إنما هي موضوعة لأن يخاطب بها وهو يقتضي التوجيه إليه وذلك لا يعقل في حقّ المعدومين الا تنزيله منزلة الموجود وادّعى أنه الموجود ومجرّد ذلك يكفي استعمال اللفظ الموضوع للمخاطبة من دون استلزام لتصرّف آخر في اللفظ باستعماله في غير معناه ، وهل هذا إلا مثل استعمال الأسد في الرجل الشجاع بادعاء أنه حيوان مفترس حقيقة.
وما يتوهّم من أن الأسد مجاز حينئذ لأنه موضوع للحيوان المفترس الحقيقي لا الادّعائي فهو غلط ، فانّ ادّعاء كونه من الأسد ليس من وجوه المعنى حتى يقال : انه موضوع لغيره كما لا يخفى.