ومما ذكرنا يظهر ما تابع فيه بعض الأجلّة من امتناع تعلّق الخطاب بمعناه الحقيقي وتوجيهه نحو المعدوم وذكره في وجه الامتناع مما لا مدخل لكونه أداة الخطاب كما هو ظاهر على المتأمّل ، ويظهر فساده بمراجعة كلامه في فصوله والذي يقتضي بذلك أنه لا حاجة إلى أمر آخر بعد التنزيل ولو عند التغليب بملاحظة أمر أهم لئلا يلزم استعمال اللفظ في معناه الحقيقي والمجازي بل لا يعقل الأمر الأعم الشامل للمعدوم والموجود في مدلول أداة الخطاب إما من الأمور الحادثة بالإرادة كما يراه البعض أو من الأمور التي يكشف عنها الإرادة سواء كانت الإرادة علامة لها كما في علامة التأنيث والتذكير أو غيرها وعلى التقادير فهي معنى شخصيّة جزئيّة لا يتحمّل العموم كما هو ظاهر لمن تدبّر.
نعم ؛ يصحّ ذلك في مدلول مدخول الإرادة ، وذلك من اعتبار العموم في مدلول الإرادة.
(الأمر الثالث):
البحث في الوقوع فلا بدّ له من التماس دليل آخر أو لم نجد ما يقتضي له فانّ ما تخيّله البعض من الأدلّة لا يقتضي إلا الاشتراك في الحكم ، وأما الخطاب بالقرآنيّة مما لوحظ فيها التنزيل المذكور واستعمل في المخاطبة للحاضر ولمن هو منزل منزلته فلم يدل عليه دليل ولكن بدون التنزيل لا يعقل الخطاب في المقامين ومعه لا إشكال فيهما.