بغيره ، فالخطاب المنفصل لبيان الحكم إنما يستفاد منه بيان الموضوع أيضا ، ولو بملاحظة أصالة عدم التخصيص وكل من يجب إكرامه ليس بفاسق لما فرضنا أن المولى لا يريد إكرام الفاسق فينتج أن زيدا ليس بفاسق ، فالتمسّك بالعام لا يحتاج إلى رفع الشكّ بل العموم ليكشف واقع المشكوك فيه ، ومن هذا القبيل التمسّك بعموم : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) لعصمة النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ والتمسّك بقوله له : ألا هم بني أميّة قاطبة على عدم وجاهة واحد منهم لعنهم الله وأمثال هذه التمسّكات في كلماتهم كثيرة بل العرف أيضا شاهد على ذلك كما يلاحظ في كثير من كلماتهم ، كما إذا أمر المولى عبده باتيان كل بطّيخ في بيته مع العلم بأنه لا يرد الفاسد منه أو أمر المولى باكرام جيرانه عموما مع العلم بأنه لا يريد إكرام عدوّه فانه يستكشف من الأول أن المولى لا يقصد فسادا فيما هو في بيته من البطّيخ ، ومن الثاني برأيه لا يرى من هو عدوّ في جيرانه ولعلّه ظاهر وإنما الإشكال في تشخيصه مورد القسمين ، وبيان ما هو المعيار في تميّزهما عن الآخر فان قيل : إذا علمنا بأن التخصيص مانع عن اقتضاء عنوان العام للحكم وتقيّد الحكم بقيد ضدّه فيكون التخصيص اللبّي كالتخصيص اللفظي كما في الأمثلة المذكورة مثل قوله : فانظروا إلى رجل قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فانه عام يشمل العادل والفاسق إلا أنه يتخصص بقيام الإجماع على اعتبار العدالة وعدم كونه فاسقا الذي يرجع إليه في القضاء فتكون العدالة قيدا في الموضوع ، ولا يجوز الرجوع إلى العام عند الشكّ في العدالة فيه فلا فرق بين التخصيص اللفظي واللبّي فلا يتمسّك في اللبّي بالعام.